إنهم يُزكّون «القاعدة».. أو يخلعون «الاعتدال» على «النُصرة»

دقِقوا جيداً في خطاب ومصطلحات الحملة الاعلامية الشرسة والمُنفلتة العقال، التي تشنها أطراف عديدة على الانخراط الروسي المباشر في الأزمة السورية، بعد أربعة اعوام ونصف من العبث الغربي في الاراضي السورية والحرب غير المسبوقة على الشعب والدولة السورية، دونما وازع اخلاقي او انساني وخصوصاً قانونيا، استباحت فيه الحُرمات وولغت في الدم السوري ودائماً في جلب المزيد من المرتزقة والجهاديين والتكفيريين وشُذاذ الافاق وكل ما يمكن للمرء ان يتخيله من حثالات القتلة والمهربين وتُجّار الاعضاء البشرية والرقيق الابيض والمخدرات وغسيل الأموال، فقط كي يُمرّروا مشروعهم الاجرامي، في إلغاء الدولة السورية ونشر الفوضى في ارجاء المنطقة وقطع كل صلة لشعوبها بالعروبة وتصفية القضية الفلسطينية على نحو نهائي وخصوصاً في رسم خرائط جديدة للمنطقة تطغى عليها الهويات الطائفية والمذهبية والعرقية، ولا تخرج من اتون الاحتراب الاهلي لعقود طويلة مقبلات، وتكريس التبعية والارتهان للسيد الصهيواميركي الذي سيُقرر جدول اعمال المنطقة.
ما علينا..
منذ أن بدأت ضربات الطائرات الروسية لأوكار الارهابيين ومراكز قياداتهم ومعسكرات تدريبهم، راح المُتضررون من «المفاجأة» الروسية التي قلبت المعادلات وموازين القوى في المنطقة رأساً على عقب، يتحدثون عن غارات روسية غير دقيقة وعن استهداف مقصود للمدنيين وعن خطط وقراءات اختلقوها وارادوا للناس ان يُصدقوها، ثم ما لبثوا ان انزلقوا الى ما حاولوا تجنبه، وإذ اخفقوا في حشد المزيد من المؤيدين او المستفيدين او وعاظ السلاطين والتخديم على كهنة المعبد، هذا المعبد الذي يكاد يسقط على رؤوسهم، فإذا بهم يُنادون علناً ويشترطون على موسكو بأن تُركز هجومها على داعش وإلاّ فإنها تفرض قواعد لعبة جديدة، هم يرفضونها.
ركزّ هؤلاء على «داعش» بما هي الخطر الاكبر (وهي كذلك) لكنهم ارادوا له ان يكون الخطر الوحيد، أما غيره من تنظيمات ومنظمات وجماعات ارهابية فقد خلعوا عليها صفة «الاعتدال» بل رأوا في «الجيش الحر» منظمة معتدلة ولم يسألوا انفسهم إن كان هذا الجيش غير الموجود على ارض الواقع منظمة معتدلة، فلماذا نأى الاميركيون بأنفسهم عنه؟ وراحوا ينفقون نصف مليار دولار لتدريب وتأهيل عناصر وصفوها بـ«المعتدلة» ضمن «الفرقة 30» وحددوا لها الادوار ووزعوا على «الويتها» المهمات, فإذا بهم في النهاية لا يزيدون على خمسة عناصر, أما من تبقى فقد اختار الانضمام الى داعش وخصوصاً النصرة بعد ان سلّموا عتادهم واسلحتهم لهم.
داعش يجب ان تُضرب أما غيرها فلا، وهذا ليس غريباً اسألوا الـ»سي آي إيه» عن ارتكاباتها في الشرق الاوسط وجنوب شرق آسيا واميركا اللاتينية وافريقيا واوروبا شرقية كانت ام غربية، لا داعي لتصنيف جبهة النصرة في خانة الارهاب حتى لو كانت الفرع السوري لتنظيم القاعدة فهي في طريقها الى التأهيل وتصدُّر جبهة «الاعتدال» السورية المُعارضة حيث ستُشارك في المرحلة الانتقالية ومَنْ قال لكم ان القاعدة «عدو» لهؤلاء، ما دامت مهمتهما لم تُستنفد بعد وما دام الدور محجوزا لهما لتخريب اي حل سياسي للازمة السورية؟ ولهذا فهي الان تحت الحماية الغربية والاقليمية وهي «السوط» الذي يظن هؤلاء انهم «سيجلدون» به ظهر روسيا تمهيداً لقصمه.
عبثاً يحاولون، لكن المعركة في أوجها وموعد الحسم فيها لم يقترب بعد.
• استدراك: نفذت الطائرات الاميركية يوم أمس غارة في افغانستان وقع ضحيتها مركز لمنظِمة اطباء بلا حدود ما أدى الى سقوط ضحايا.. سيُقال بالطبع انها مجرد خطأ غير مقصود.. أما الروس «الملاعين»فكل اخطائهم مقصودة وهم قبل كل شيء شياطين ومُستعمِرون ولا يلتزمون القانون الدولي!
على مَن يتلون مزاميرهم..ِِِ يا تُرى؟
(الرأي 2015-10-04)