قسمة ونصيب!

يتزوج ألماني من قطته المسماة "سيسيليا" بعد ان وصل عمرها الى اثني عشر عاما ، وتعاني من السمنة والضعف.
الالماني لم يجد احدا ليزوجه من قطته ، فاضطر ان يتزوج عبر مباركة ممثلة شهيرة ، وتم الباس العريس والعروس ، اجمل ما لديهما ، وما على حبل الغسيل من ملابس ، والعريس الوفي كان متأثرا للغاية ، وربما سقطت دموعه من فرط التأثر على هذه اللحظة الحميمية التي اجتمع بها مع قطته ، واصبحت من نصيبه باعتبار ان كل شيء "قسمة ونصيب" في هذه الدنيا.
من ذاك الذي تزوج قطته ، الى الذي ترك ارثه بالملايين لكلبه المدلل ، فقد الانسان في هذا الزمن عقله واتزانه ، ولم يعد يثق بأحد اخر من البشر ، حتى اضطر صاحبنا الالماني الى ان يتزوج القطة ، وُيمطرها بوابل من القبلات الساخنة ، عند اتمام المراسم ، على مرأى ومسمع من وسائل الاعلام ، التي لا تحاكم الفعلة ، بقدر استفادتها منها لرفع عدد المشاهدين والقراء على حد سواء ، ولا تهمها مشاعر القطة ، التي قد تكون عينها على رجل اخر ، وليس قط ذكر.
ما الذي يجعل انسانا يقدم على الزواج من قطة ، هل هو الفراغ العاطفي ، ام ثقته بأنها لن تخونه مع رجل اخر ، باعتبار ان الخيانة هنا واردة فقط مع قط اخر ، ام البحث عن الشهرة.
تذكرت عند قراءة الخبر القطط في مدن العرب ، التي تنال من الركلات والشلاليط ما يجعلها تمشي بشكل اعوج ، فوق حوادث الدعس ، وموت القطط في الحاويات ، بحثا عن طعام فاسد ، بالاضافة الى اصابة القطط العربية بالهستيريا جراء التهامها بقايا الطعام المُهرمن ، فتلد في السنة الواحد عشر مرات ، وتموء بشكل غير حضاري ، وفوق كل هذا ، صراعات القطط وصوتها المزعج حين تنشب معركة لاي سبب ، فتضطر الى ان ترميها بحجر حتى تتخلص من صوتها المفزع.
لم اسأل الالماني اين سيقضي وعروسه العفيفة الطاهرة ، شهر العسل ، لان هذا سؤال فيه انتهاك للخصوصية ، فقد يسافران ، وقد يبقيان في البيت في عزلة عن عيون العشاق والحساد على حد سواء ، وقد يتلقيان باقات الورود ، وفي حالات اخرى قد ينشب بينهما خصام ، على تفاصيل ما بعد الزواج ، غير انني تمنيت لو اعلنا عن يوم للمباركة على الطريقة العربية ، ولاخذنا الشعوب العربية ، المسلوبة كرامتها ، وتحظى بنسب عنوسة مرتفعة ، وفقر مدقع ، وتعليم يزيد الجاهل جهلا ، للمباركة ، ولرؤية اخر صرعات العالم الحر والمتنور.
حتى اسم القطة مثير للغيرة ، فالاسم جميل ، وقد كان العريس ذكيا ، حيث وفقته الايام للقاء العروس المناسبة ، حاملة الاسم الرائع ، وكل ما نتمناه لهما الرفاه والبنين ، وان يعيشا اياما سعيدة. وان يتمكن العريس من انعاش العروس ، وتخفيف سمنتها ، وازالة عوارض الضعف الطارئة عليها ، وهي مهمة ليست صعبة ، ولا سهلة ايضا.
ليس مهما ان يتزوج الالماني قطته ، لكن ما هو مهم حقا ان لا تنتقل العدوى الى كل الرجال ، ليبقى السؤال مفرودا بين يدي النسوة ، عن سبب هروب الرجل الى احضان قطة ، بعد فقده للثقة في كل النسوة.
احسد القطة على واقعها ، واتذكر قطة تمر من عند باب بيتي ، اسنانها صفراء ، من فرط سوء احوالها ، واعزيها على حالها ، فلم تجد رجلا ، ولا فرشاة اسنان.
دنيا آخر وقت .
الدستور