الأم الأردنية العاملة : تناقض كبير بين الواقع والمرتجى

المدينة نيوز - : رغم اتساع شريحة الفقر في الأردن والفجوة بين متطلّبات الأسر ودخلها وحاجتها إلى مردود إضافي لمعيلها من أجل تحسين واقعها المعيشي، إلا أن نسبة حجم عمل الأمهات في المجتمع الأردني ما يزال صادماً بالمقارنة مع مثيله عند الآباء.
عموماً، لا تتعدّى هذه النسبة 10 في المئة في الأسر الأردنية، ما يعزوه تقرير «أحوال الأسرة» الذي صدر أخيراً عن المجلس الوطني لشؤون الأسرة إلى «محددات عدة» أمام عمل الأمهات خارج المنزل، كعدم توافر بيئة مناسبة، وطول ساعات العمل، وأثر ذلك على الأطفال لجهة الوقت الذي تقضيه الأم معهم ومستواهم الدراسي.
ووفق تقرير لدائرة الإحصاءات العامة، بلغ عدد الأسر الأردنية حوالى 1199 ألف أسرة في عام 2013. في المقابل، يشير تقرير صادر عن وزارة التخطيط إلى أن نسبة الفقر بلغت 14,4 في المئة عام 2010، وذلك استناداً إلى السلة الاستهلاكية للأسر، وهي نسبة الأفراد الذين يقل إنفاقهم عن متوسط خط الفقر العام للمملكة، فيما بلغ خط الفقر المطلق 110 دولارات للفرد سنوياً.
ويوضح تقرير أحوال الأسرة أن هناك تناقضاً واضحاً بين الرغبة الكبيرة لدى غالبية الأسر بعمل الأم كونه يحقق دخلاً إضافياً للأسرة ويحسّن واقعها المعيشي، وبين تدنّي نسبة الأمهات العاملات. ويؤكّد صحة ما توصل إليه من نسب وأرقام، وخلاصته أن «حوالى 71 في المئة من الأسر الأردنية تفضّل عمل الأم».
ويُعد الفارق بين ساعات العمل وساعات دوام المدرسة أكبر تحدٍ يواجه الأم الأردنية العاملة، إذ إن الدوام في غالبية شركات القطاع الخاص محدد حتى الخامسة مساء وأحياناً حتى الساعة السادسة، فيما ينتهي الدوام في المدارس عند الساعة الثانية عصراً، ما يربك الأسر، لا سيما التي يكون عمر أبنائها دون الـ9 سنوات، ما يجبر الأم عادة على ترك العمل.
فمثلاً تقول أسمهان الدهيش إنها اضطرت إلى ترك عملها، الذي أمضت فيه أكثر من 10 أعوام وحققت مراكز وظيفية ممتازة، بعد أن أصبحت ابنتها في عمر الروضة وفشلها في إيجاد مدرّسة تلازمها في غرفة الألعاب حتى موعد انتهاء دوامها، أي إلى ما بعد الخامسة مساء.
وتوضح: «كان مركز عملي قريباً من مدرسة ابنتي، لكنني لم أستطع إحضارها إلى المكتب بسبب رفض أصحاب العمل ذلك، فلم يكن أمامي إلا تقديم استقالتي».
من جهتها، اختارت سمر أمام تأجيل فكرة العمل في بداية حياتها الزوجية إلى «أن يكبر أبنائي ويتجاوزوا سن العاشرة ما يسمح لهم بخدمة أنفسهم في البيت». وتتابع: «هكذا كنت أفكّر، بيد أنني اعتدت العمل في البيت، ولم أعد أقوى على بدء حياة عملية جديدة، خصوصاً أن زميلاتي في مرحلة الجامعة بتن في مناصب وظيفية عليا».
ووفق قانون العمل، تحدد فترة إجازة الأمومة للأم العاملة بنحو 10 أسابيع، كما تحصل على فترة رضاعة مدفوعة الأجر لا تتعدّى الساعة يومياً.
كما نصت المادة 67 على حق المرأة العاملة بإجازة من دون راتب لمدة عام للتفرّغ لتربية الأبناء، فيما تشترط المادة 72 توفير حضانات في مكان العمل للأطفال دون سن الرابعة.
لكن غالبية الشركات لا تلتزم بشرط إنشاء الحضانة في مكان العمل، كما يرفض أصحاب العمل طلب الإجازة من دون راتب لمدة عام.
وتُعدّ وزارة التنمية الاجتماعية لتشريع جديد يحمل اسم «نادي الطفل»، وفق ما كشفه الناطق باسم الوزارة فواز الرطروط. وأوضح أن الهدف من هذه الخطوة محاولة نشر ثقافة نادي الطفل على غرار الأندية الصيفية التي تنتشر عادة خلال فصل الصيف، وبهدف تقديم الرعاية للأطفال حتى سن التاسعة. وستشجع الوزارة مؤسسات القطاع التطوعي والقطاع العام لتأسيس مثل هذا النوع من الأندية.
ويؤكّد الرطروط إن «هذه الأندية توفّر مكاناً آمناً للأطفال لمزاولة نشاطات رياضية وفكرية وثقافية، كما توفر للمرأة العاملة بيئة مناسبة لطفلها يمكن أن تحتضنه بعد انتهاء الدوام المدرسي، وخلال العطلات الصيفية»، مضيفاً أن إطلاق هذه الأندية يضمن استمرار المشاركة الاقتصادية للأمهات العاملات، وذلك من خلال إيجاد أماكن آمنة لرعاية أطفالهن إبان مزاولتهن أعمالهن ومساندة الأسرة في عملية تنشئتها لأطفالها، وتعزيز دورها في تنشئة أفرادها ورعايتهم ومشاركة القطاعين الخاص والأهلي التطوعي في مجال تنمية الطفولة المبكرة».
ويشير الرطروط إلى أن النظام الموعود يتماشى مع تنفيذ متطلبات الإستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة وخططها التنفيذية، للارتقاء بالخدمات المقدّمة للأطفال، وخدمات الحماية الاجتماعية، وتمكين الأطفال من تمضية أوقات فراغهم بأمور نافعة ومفيدة، خصوصاً خلال العطل الصيفية.الحياة