نتائج التدخل الروسي في ظل الردود المتوقعة عليه

تم نشره الأحد 18 تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 01:34 صباحاً
نتائج التدخل الروسي في ظل الردود المتوقعة عليه
ياسر الزعاترة

لم يتأخر كثيرا الرد من قبل داعمي الثورة السورية، فقد خرج مسؤول سعودي يتحدث لبي بي سي متوعدا برفع سوية الدعم للثوار السوريين، ومحددا بعض الفصائل، ومشيرا إلى أن الأمر سيشمل مضادات للدروع، ومضادات للطيران، والأخيرة هي التي كانت تعاني من الفيتو الأمريكي طوال الوقت. وفيما دخل الموقف في نطاق التكهنات بعد لقاء سوتشي الروسي السعودية، عاد وزير الخارجية السعودي إلى التأكيد أن الموقف لم يتغير. هل يعني ذلك أن الفيتو الأمريكي على التسليح النوعي قد رُفع؟ ربما يحدث ذلك في ظل حاجة واشنطن لرد إهانة بوتين بالتدخل دون تشاور كامل معها؛ وإن حدث ذلك مع الحبيب الإسرائيلي، مع الحاجة إلى رد على كل التحدي الروسي في أوكرانيا، وسواها، والذي شجّعه الضعف الأمريكي، لكن ذلك مجرد تحليل قد يصح وقد لا يصح، وبالطبع لأن هناك رفضا إسرائيليا دائما لمنح الثوار مضادات طيران يمكن أن تصل إلى تنظيم الدولة، مع ما ينطوي عليه ذلك من خطر استعمالها ضد الطيران المدني، كما يتردد دائما، ما يطرح الوجه الآخر للصورة ممثلا في أن التحالف الداعم للثورة، والذي يتشكل من السعودية وتركيا وقطر، ربما يستغل حالة الارتباك الدولي، ويتمرد على الضغوط.

من يتابع لوثة التهديد الإيراني اليومي بحق السعودية، قد يذهب إلى أن الطرف الآخر ربما يخضع أو يتراجع، لكن واقع الحال أن المعركة لا تمنح من يخوضونها مجالا للتراجع، لأن التراجع يعني الهزيمة بكل تأكيد، لا سيما أن الطرف الإيراني لا يطرح تسوية مقبولة، فهو يصر على أن يبقى الوضع في سوريا على ما هو عليه، كعنوان لإبقاء نظيره العراقي واللبناني كذلك، فيما يمكن المساومة على الوضع اليمني بهذا الشكل أو ذاك؟! التحالف العربي يحقق اليوم نتائج ممتازة في اليمن، وهو قادر على أن يعززها بمرور الوقت، وفي حين تعلو نبرة التهديد من قبل الحوثيين، وقبل أيام من قبل طهران، فإن الكل يدرك أنهم لم يتركوا وسيلة إلا واستخدموها، ولم يبق إلا أن يرسلوا انتحاريين إلى قلب المدن السعودية، وهم أجبن من أن يفعلوا، وأجبن من أن يتحملوا نتائج شيء كهذا.

وفيما يحدث التقدم في اليمن، فإن ذلك لا يبدو كافيا لإحداث التوازن مع الجنون الإيراني، ولا بد من تقدم أيضا في سوريا، وأقله عدم السماح للهجوم الروسي بأن يحقق النتائج المرجوة، هو الذي يمضي في ظل احتفالية استثنائية من قبل إيران وحلفائها، وذلك رغم المخاوف التي يطرحها على صعيد تقليم أظافر إيران بهذا القدر أو ذاك داخل البلد، لكن ذلك لا يبدو شيئا في ظل تغلغل سليماني في كل المفاصل، فضلا عن تطور التدخل الإيراني العسكري الذي يبدو أنه دخل محطة القتال المباشر، إن كان عبر مقاتلين إيرانيين، أم عبر إعادة المقاتلين العراقيين الذين عادوا إلى العراق، وآخرين من بلدان أخرى. خلاصة القول هي أننا إزاء تصعيد جديد وكبير في الجبهة السورية، وسنكون بإزاء المزيد منه بمرور الوقت، وها إن روسيا تدخل في مزاج عداء شامل مع غالبية الأمة، وسيكون هناك المزيد من تدفق المقاتلين، مع تراجع تناقضات فصائل الثوار أيضا، وهذا ما بدأت ملامحه تظهر، والنتيجة أن التعويل الإيراني الروسي على تفوق سريع لا يبدو ممكنا، بل إننا إزاء تصعيد سيؤدي إلى إطالة أمد النزاع أكثر من الحسم. صحيح أن التحالف الداعم للثور يعاني سياسيا بقلة المؤيدين، وبوجود النظام المصري في المربع المؤيد للتدخل الروسي، إلا أن الوضع التركي لن يسمح بدوره، وسيتدخل بشكل أكبر، فيما سيضطر الآخرون إلى تخفيف حدة انحيازهم خشية إغضاب السعودية التي تقود التحالف. بين هذه المحطة، وبين تلك التي تقتنع عندها إيران بأن لا أفق للانتصار، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه، أو حتى إنتاج الدويلة العلوية، يبدو أن ثمة زمن سيطول، وهو حريق بائس واستننزاف للجميع لا يستفيد منه سوى أعداء الأمة، وسيلعن التاريخ من أشعله بكل تأكيد، أعني محافظي إيران، هذا إن لم يعاقبهم الشعب الإيراني نفسه بطريقته.

(الدستور2015-10-18 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات