ما بين الدوارين الثالث والرابع

يجسّد ما يمكن تسميته بـ"الحي الطبي" قصة نجاح أبرز قطاع خدمات في البلاد. في ذلك الحيز الممتد ما بين الدوارين الثالث والرابع جنوبا، تجد مستشفيات وعيادات القطاع الخاص التي تشكل جامعة دول عربية.
تجد في شوارع الحيّ وشققه الخليجي والليبي والسوداني واليمني وغيرهم ممن يجدون أفضل أنواع العلاج بأقل الأسعار. وإن كان القطاع الخاص رائدا في تقديم الخدمة النوعية والفندقية، فإنه ظل يتغذي ويعتمد بشكل أساسي على روافد القطاع العام من وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية.
ما كان لهذا القطاع أن يزدهر اعتمادا على القطاع الخاص، وإلا لكنا شهدنا سياحة علاجية في دبي وغيرها من مدن الخليج الثرية، نجح هذا القطاع بالشراكة الإبداعية بين الدولة والمجتمع؛ فالدولة من خلال وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي وكلية الطب في الجامعة الأردنية والعلوم والتكنولوجيا وأخيرا مؤتة وكليات التمريض والخدمات الطبية المساندة، وقطاع الخدمات الطبية الملكية في القوات المسلحة، تمكن من رفد القطاع الخاص بأفضل الأطباء والممرضين والفنيين. وبقدر ما شكل ذلك عبئا هائلا على الموازنة شكل رافدا لها بشكل غير مباشر.
واجب الدولة أن تخسر لإنقاذ حياة مواطنيها، لا أن تستثمر في الطب، يكفي للتدليل على ذلك مريض التلاسيميا الذي يكلف شهريا ما يقارب 3 آلاف دولار، لكن تلك الخسارة الشكلية مكسب محقق، ليس من خلال إنقاذ حياة إنسان فحسب، إنما من خلال الخبرات الهائلة التي تتشكل من خلال الخدمة الطبية.
على ما يوثقه الإعلام من رداءة، أحياناً، وأخطاء في الخدمة الطبية إلا أنها تظل الأفضل عربيا، وعلى الدولة أن تحافظ على دورها أولا، وتحفيز ودعم القطاع الخاص ثانيا.
في كتاب الإحصاء السنوي وجدت توثيقا للخدمة الطبية في قطاع وزارة الصحية ولم أجد أرقاما للقطاع الخاص أو القوات المسلحة. وبالرجوع إلى موقع جمعية المستشفيات الخاصة وجدت أن أعضاء الجمعية 48 مستشفى خاصا تمتد من شمال المملكة إلى جنوبها. تعالج من السرطان إلى العقم. في الكتاب الإحصائي يوجد 58 مستشفى خاصا مقابل 30 حكوميا و13 حكوميا أخرى (ربما تشمل القوات المسلحة!). بالمجمل الخاص أكثر من العام عددا. لكن عدد الأسِرّة في الحكومة أكثر.
يحتل الأردن المركز الأول عربيا، ويصنف أنه من ضمن أفضل عشر دول في مجال السياحة العلاجية، بحسب موقع جمعية المستشفيات الخاصة.
الغريب في شارع ابن خلدون الذي يضم مستشفى الخالدي، وعددا هائلا من العيادات الخاصة لا تستطيع أن تجد موقفا لسيارتك، وتفتقر المنطقة للخدمات العامة التي يجب أن تقدمها الدولة، فدورها لا يقتصر على جني الرسوم والضرائب وتدريس الأطباء فقط!