الامن العام... التغيير في ظروف حرجة

اللواء المجالي سيكون تحت اضواء كاشفة ومهمات ثقيلة تفوق قدرة الجهاز .
معارف واصدقاء مدير الامن العام الجديد اللواء حسين المجالي يجمعون على حسن مناقبه القيادية والشخصية. وسيرة الرجل المهنية لا تترك مجالا للشك بكفاءته العسكرية. فقد تقلب في عدة مواقع في القوات المسلحة وهو ليس اول مدير للامن العام من خارج الجهاز فقد سبق ان تولى الموقع عدد من المتقاعدين العسكريين كان آخرهم المرحوم محمد ماجد العيطان.
لن يبدأ اللواء المجالي مهمته من نقطة الصفر فجهاز الامن العام شهد تطورا كبيرا في السنوات الاخيرة طال كل اداراته, ولعب المدير السابق الفريق مازن تركي القاضي دورا مهما في عملية التطوير واستطاع ان يحقق انجازات ملموسة في خطة اصلاح السجون وتحسين مستوى الاداء العام ومكافحة الجريمة والمخدرات والعصابات المنظمة وتنظيف البؤر الساخنة وتقليص ظاهرة المطلوبين الفارين. وفي عهده تضخم جهاز الامن العام وزاد عديده على 60 الفا.
لكن التغيير في قيادة الامن العام جرى في لحظة فارقة وحساسة يثور فيها الجدل حول مدى التزام افراده بتطبيق القانون من دون تعسف او انتهاك لحقوق المواطنين وقد ارتبط هذا الجدل بسلسلة من الحوادث الملتبسة في الاغوار الشمالية ومنطقة ام السماق كان الامن العام طرفا مباشرا فيها. كما تزامن التغيير مع اتساع ظاهرة العنف المجتمعي والقلق المتزايد من تأثيرها على السلم المجتمعي والاستقرار الامني وهيبة الدولة واجهزتها.
الامن العام ليس مسؤولا مباشرا عن تزايد جرائم القتل ولا عن العنف الذي يصاحبها وكان الفريق القاضي مصيبا في تشخيصه للوضع عندما اشار اكثر من مرة الى ان الامن العام يتحمل النتائج المترتبة عن المشاكل السياسية والاقتصادية في المجتمع التي تحتاج الى معالجات تتجاوز الحلول الامنية.
ولهذا لا يستطيع جهاز الامن العام ان يتحمل المسؤولية عن تقصير السياسيين والمؤسسات الحكومية المعنية وتراجع نفوذ القيادات العشائرية.
المدير الجديد للجهاز سيكون في المرحلة المقبلة تحت اضواء كاشفة وينتظر الرأي العام ووسائل الاعلام ان يسمعا منه رؤية متكاملة عن دور الامن العام في ظروف بالغة الحساسية وتصوراته لمعالجة الاختلالات في الاداء, ومدى قدرته على احتواء التداعيات التي اصبحت ترافق كل جريمة تقع, وتجنب الاخطاء الميدانية التي ساهمت في بعض الاحيان بتأزيم الموقف وانفجار اعمال العنف.
ان من بين الامور التي اضرت بسمعة الجهاز في الآونة الاخيرة هو تردد المسؤولين عن الاعتراف بالاخطاء المرتكبة من قبل منتسبي الامن العام والتأخر في اتخاذ الاجراءات اللازمة بحق هؤلاء وعدم جدية لجان التحقيق الداخلية مع ان الادارة السابقة سجلت ارقاما قياسية في عدد الضابط والافراد الذين تم اتخاذ العقوبات بحقهم.
كما لاحظ المراقبون ان حملات التقاعد الجماعية التي شهدها الجهاز احدثت ارباكا وظيفيا انعكس سلبا على الاداء العام للعاملين.
لا نعرف ماذا يدور في ذهن المجالي وهو يتولى موقعه الجديد لكنه وبلا شك يدرك ان المهمة ثقيلة وتأتي في ظرف حساس يتطلب منه اجتراح حلول خلاقة لمشكلات عويصة.. وعليه ان يدرك منذ الآن ان دور المؤسسات من حوله لن يكون افضل مما كان عليه ايام الفريق مازن القاضي.
العرب اليوم