عندما يغلب الطبع التطبع في الكتابة والابداع!

تم نشره الأحد 16 أيّار / مايو 2010 05:54 صباحاً
عندما يغلب الطبع التطبع في الكتابة والابداع!
خالد محادين

لا أدري كيف يكون في وسعك ان تكتب قصة او رواية او قصيدة او مقالة بغير ان يكون قلم بين اصابعك وورق امامك، بل كيف تستمع بلفافة تبغك وفنجان قهوتك بينما اصابعك مشغولة بالحروف على جهاز حاسوبك، فقد ارتبط الابداع بعادات وطقوس واجواء خاصة به منذ بداية الكتابة على حائط او ورق او رقاع، واؤكد هنا شخصيا ان جسد الكاتب جزء رئيس من عملية الابداع، وان لقاء القلم بالورق بلفافة التبغ بفنجان القهوة لقاء ضروري للابداع خاصة بالنسبة للذين انفقوا عشرات السنوات في اقامة وتثبيت هذه العلاقة التبادلية.

 

الان وفي كل مكان من هذا العالم، يدور حوار طرفين اثنين، الاول يؤكد ان لا مستقبل للصحافة الورقية، الثاني يقدم عشرات الادلة على ان المستقبل كله للصحافة الالكترونية، ومنذ بدأت مرحلة الانترنت اختصر المكان واختصر الزمان حتى بات في وسع القارىء، وحيثما يقيم، ان يقرأ على الانترنت وفي لحظة زمنية واحدة وبغض النظر عن المسافات المكانية، وكانت اولى ضحايا هذا الاختراع الانساني ان واجهت الصحافة الورقية مآزق في التوزيع وفي الاشتراكات بات من المستحيل ان تتجاوزها، مهما تكن محاولات هذا التجاوز، وبدأت صحف ومجلات عالمية وعمرها مئات السنوات تفكر جادة في الاكتفاء بالنشر الالكتروني وفي بدل النشر الورقي، ولا تستطيع اية صحيفة او مجلة ان تزعم عدم تأثرها بما فعله الانترنت في العلاقة بينها وبين قرائها في الدول المتقدمة كما في اية زاوية من العالم الثالث، ما يحدث الآن ان معظم الصحف والمجلات الورقية تطلق مواقع الكترونية تحمل للقارئ موادها الصحفية المنشورة على الورق، كما ان العديد من الصحف والمجلات اوقفت نشرها الورقي ومنعت القارئ من الدخول وقراءة مواقعها الالكترونية الا من خلال اشتراكات تؤمن للموقع دخلاً يغطي تكلفة اصدار الموقع وتحقيق الارباح ايضاً.

 

بسبب الانترنت لم نعد نكتب رسائل على الورق ونلصق عليها الطوابع من مكاتب البريد وننتظر الجواب عليها بعد وصولها الى المرسل اليه، ولم نعد نبعث المواد الى ما نرغب في وصولها اليه بالفاكس من دعوات الافراح الى مناسبات العزاء والمواساة مروراً بكل ما بينها من انشطة اخرى، صرنا نكتب رسائلنا الالكترونية عبر اجهزة الحاسوب تصل الى الآخرين في ثوان معدودة، ونتلقى الاجابة عليها فوراً، وصار في مقدورنا ان نبعث رسالة الى الف شخص بكبسة واحدة دونما تكلفة، ولم يعد العالم قرية صغيرة بل مجرد غرفة صغيرة نجلس فيها جميعاً في لحظة زمنية واحدة، سواء أكنا من واشنطن او بكين او روما او عمان او هوشي منه.

 

بالنسبة لي وربما الكثيرين مثلي، نشأت بينهم وبين اقلامهم وأوراقهم ألفة، يصعب علينا ان نجلس امام شاشة الحاسوب ونكتب مقالاتنا او قصصنا او قصائدنا، فالطبع لدينا غلب التطبع، وحتى لو حاولنا سنظل محكومين بشعور اننا لمسنا الذي نكتب او نبدع بل ثمة جهاز آلي يشاركنا هذه المتعة وهذا العذاب، لهذا ومع معرفتنا الاكيدة ان عجزنا هذا لا يعود بالعالم الى الوراء، سنظل على عهدنا القديم ان نعد فنجان قهوة وان نجلس الى منضدة او طاولة سفرة، وان نشعل لفافاتنا ونوقعها على اطراف «مكتاتنا» ونفرد اوراقنا، ونشد بأصبعين على اقلامنا ونقول ما نقول دون ان نشعر اننا متخلفون عن عصرنا.

 

 الرأي



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات