مجتمع «المول» يبتلع قلب عمان!

تم نشره الجمعة 21st أيّار / مايو 2010 03:45 صباحاً
مجتمع «المول» يبتلع قلب عمان!
حلمي الأسمر

كتبت منذ زمن مقالا عن قلب عمان ، وتساءلت حينها: هل يتوقف عن النبض ، كان هذا منذ سنوات ، اليوم تحققت النبوءة ، وبدأ يتوقف فعلا،.

 

لوقت قريب ، لم يكن يصدق أحد أن منطقة "البلد" أو "وسط البلد" كما تسمى على لسان المواطنين ، التي كانت قلب عمان النابض قبل نحو عقدين من الزمان ، يمكن أن تتوقف عن النبض ، لصالح بؤر وتجمعات وشوارع بديلة ، أخذت تدب فيها الحياة ، وتعيش حالة كرنفالية يومية ، فيما شارع سقف السيل ، تبدأ تلفه العتمة مع الغروب،.

 

معظم أهالي عمان ، بل الأردن كافة ، لهم ذكريات خاصة مع "وسط البلد" فقد كان هو "البلد" كما كان يُسمى ، وكان يتعين على كل من يريد أن يتنقل بين جبلين ، أن "يتعمد" بسرفيس يتخذ من البلد نقطتي انطلاق وعودة ، وفي الأثناء تخطف أبصار المارين بين موقفي سرفيس ، بسطات صغار التجار ، وعروض مختلفة الأنواع لأشياء لا تتذكر شراءها إلا إذا رأيتها ، ومحلات تتباهى بعرض منتجاتها بخلاعة تشتهي معها امتلاكها ، حتى ولو لم تكن بحاجتها ، وكان نادرا على كل من يمر بوسط البلد أن لا يعود بمشتريات ، ربما لا لزوم لها ، لكنها تسللت إلى جيبه عنوة ، وكان وسط البلد أيضا ، يشكل مهرجانا للسلع الفاخرة ، أو على الأقل هكذا كانت تبدو في عيون عامة الناس ، حيث كان الفقراء وأصحاب التطلعات البرجوازية ، يتجولون في الشوارع ، إن لم يكن للشراء ، فللتعرف على أصناف من البضائع يسرون في أعماقهم أن يوما لا بد سيأتي ويشترون منها ولو شيئا بسيطا ، بعد أن "تتحسن" أحوالهم ، وكان وسط البلد أيضا مقصدا للجوعى ، حيث يستطيع أي معدم أن يحشو بطنه بوجبة طبيخ أو فلافل بمبلغ بسيط ، وإن لم يستطع فبوسع قطعة حلوى من تلك الأنواع المعروضة بغزارة على الأرصفة ، أن تسد جوعه وتكفيه ذلك اليوم ، وإلى هذا وذاك ، كانت محلات الألبسة توفر عروضا سخية لأنواع زهيدة من الملابس ، سواء من النوع الأوروبي المستعمل ، أو من يقف على حواف الجديد الذي يسمى "الستوك" أو "المرتجع" ، كما كان وسط البلد يوفر نزهة مجانية ، قوامها "الفرجة" على معروضات وأنماط مختلفة من الناس ، حتى إذا تعب "الزبائن" ، مالوا إلى محل عصير ، فبلوا ريقهم ، واستأنفوا فرجتهم،.

 

وبعيدا أو قريبا من كل هذا المشهد المتنوع ، كان سوق الجمعة ، الذي يمتاز بطقوس وعادات خاصة ، تحيل وسط البلد إلى كرنفال عجائبي ، حيث يبدأ أصحاب العروض بالتوافد لاحتلال مواقعهم على الأرصفة منذ مساء الخميس ، وبعضهم كان ولم يزل يتخذ الرصيف منامة له ، حتى يقطف ثمرة السوق من أوله،.

 

وسط عمان مجمد الآن ، لصالح مجتمع "المول" والشوارع الجديدة التي خطفت التجار والزبائن ، وبوسع أي عابر أن يستمع لشكوى مريرة من صاحب محل لم يزل متمسكا بموقعه وسط البلد ، نتيجة ضعف أو عزوف الناس عن ارتياد ذلك القاع الأثير وبالتالي انشغال معظم أصحاب المحلات الذين لم يزالوا يعمرون البلد بما يسمونه "كش الذباب"،.

 

جميل أن تتضخم عمان ، وتتوسع وتصبح مترامية الأطراف ، لكن الأجمل ، أن يتحول وسطها أو قلبها ، كما هو شأن "الداون تاون" في معظم المدن العريقة ، إلى قبلة لأنظار المواطنين والسياح أيضا ، عبر سلسلة مشاريع وأفكار خلاقة تعيد إحياء "البلد ،"، أو تحول دون توقف القلب عن النبض،.

 

 الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات