نحو سد العجز المالي

نشرت الصحف على لسان نائب الرئيس الدكتور رجائي المعشر أن الحكومة خفضت النفقات العامة عما كانت في السنة الماضية بمبلغ يناهز مليار دينار معظمه من النفقات الرأسمالية والباقي من النفقات الجارية، الأمر الذي من شأنه إذا تحقق فعلاً أن ينخفض العجز في الموازنة لسنة 2010 إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي وهي النسبة الصحية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على أعضائه في منطقة اليورو.
هذا الهدف كبير، وإذا كان رئيس الفريق الاقتصادي يعتقد أنه عملي وقابل للتطبيق فإن أحداً لا يستطيع القول بعكس ذلك. وإذا تحقق هذا الوعد وأصبح قراراً، فإن ذلك يحسب إنجازاً كبيراً ورداً مناسباً على تحدي العجز في الموازنة الذي يمثل مشكلة مالية لا تنكرها الحكومة بل تعلنها على العموم، ولا ينكرها أحد بل يحاول أن يقترح لها حلولاً أكثرها حلول تجميلية لا تصل إلى المستوى الطموح الذي طرحه الوزير، فهي تقع في باب المسكنات التي تذهب عبثاً ولا تخدم أكثر من شراء الوقت وتأجيل مواجهة الحقائق.
أزمة اليونان وفرت مثالاً فريداً على أن عجز الموازنة هو العيب الأول الذي يقود إلى الأزمة وينسف جميع الإنجازات ويضع البلد تحت رحمة الدائنين الذين لا يرضيهم سوى اقتطاع رطل اللحم من جسم المدين.
إلى حد ما فإن جميع المؤشرات الاقتصادية والتجارية والنقدية التي ترسم الصورة العامة للاقتصاد الأردني تعطي بشكل عام قراءات إيجابية. وكل القطاعات الاقتصادية مرشحة للتحسن والتقدم. العيب الأساسي يكمن في الموازنة العامة التي تعاني من عجز فادح، وما ينتج عن ذلك من ارتفاع المديونية لدرجة تهدد بالخطر جميع المؤشرات الاقتصادية الأخرى، بما فيها الاستقرار والثقة العامة وتدفق الاستثمارات العربية والأجنبية.
المطلوب إذن وضع الموازنة العامة على المشرحة لتحليل مكوناتها وتحديد الثقوب السوداء التي تبتلع المال وتطلب المزيد بشكل لا يطيقه حجم الاقتصاد الوطني وموارده الذاتية وطاقته على التمويل.
في السابق كان العلاج دائماً هو المزيد من الضرائب ولكن النفقات كانت تأكل الزيادة، وقد جاء الوقت للأخذ بالقرار الأصعب وهو تخفيض النفقات بشكل جراحي، وهذا ما يبشرنا به الدكتور المعشر وما يستطيع وزير المالية أن يضعه موضع التطبيق شريطة أن يلقى الدعم الرسمي والشعبي لتحويل التوجهات الطموحة التي أشار إليها نائب الرئيس إلى قرارات برسم التنفيذ.(الرأي)