في الاردن .. آباء وأمهات يقفون أمام أبنائهم في المحاكم الشرعية لطلب النفقة

تم نشره الأحد 13 كانون الأوّل / ديسمبر 2015 11:39 صباحاً
في الاردن .. آباء وأمهات يقفون أمام أبنائهم في المحاكم الشرعية لطلب النفقة
صورة تعبيرية

المدينة نيوز - :  بعيونها الدامعة تستعرض شريط حياتها منذ أن ولدت ابنها حتى لحظة وقوفها أمام القاضي طالبةً منه مبلغاً ضيئلاً يعينها على تلبية متطلبات الحياة.

لم تتوقع أن يتنصل ابنها من دفع هذا المبلغ بحجة فقرة وعوزه، وحفيدها يقف إلى جانب الوالد يرتدي ملابسه المدرسية ليثبت للقاضي أنه لا يستطيع أن يصرف على أبنائه، فكيف له أن يوفر 25 دينارا شهرياً لأمه التي حملته تسعة شهور، وهناً على وهن.

حكاية تبدو غريبة تنافي تعاليم الدين والأخلاق، إلا انها حدثت فعلا في احدى المحاكم الشرعية، ليكون المحامي فادي العرجا شاهداً على هذه الواقعة، ويقف مذهولاً أمام دموع الأم في مواجهة ابنها الذي تبرأ من خدمتها ويجيء بابنه حتى يكون شاهداً على ما فعل بوالدته.

وأظهرت ارقام دعاوى النفقة التي ترفع من قبل اباء وامهات على ابنائهم الصادرة عن دائرة قاضي القضاة الى ارتفاع، حيث وصل عدد الدعاوى الى 747 دعوة في عام 2014، مقابل 530 دعوى في عام 2013 اي ما نسبته 41%.

واشارت الارقام الى ان عدد الدعاوى في عام 2010 وصلت الى 663 دعوى وفي عام 2011 كانت الاقل حيث وصل عددها الى 494 دعوى، وفي عام 2012 عادوت الارقام الى ارتفاع ملحوظ، حيث وصلت عدد الدعاوى الى 757 دعوى.

حيث بلغت عدد القضايا المسجلة خلال الخمس سنوات السابقة من عام 2010 وحتى 2014 لدعوى النفقة هي 3191 دعوى.

وكانت القيمة الاجمالية لدعاوى النفقة بلغت في عام 2014 الى 31526 الف دينار، مقابل 28781 دينارا في عام 2013، وفي عام 2010 وصلت الى 27637 الف دينار، وكان اعلاها في عام 2012 حيث بلغت القيمة 33591 الف دينار واقلها في عام 2011 حيث بلغت القيمة الاجمالية الى 20551 الف دينار.

اي ان القيمة الاجمالية لعدد الدعاوي ما يقارب 14الف دينار، ووصل متوسط الحكم بالنفقة بشكل شهري الى 44 دينارا.

وفسر الخبير النفسي الدكتور عبد الرحمن مزهر ان هذا الارتفاع الملحوظ خلال الاعوام الخمسة السابقة يعود الى عدة اسباب، الا ان اهم هذه الاسباب هو قلة الوازع الديني في مجتمعنا، اضافة الى الضائقة الاقتصادية التي يعيشها المواطن الاردني فهو لا يستطيع ان يوفر متطلبات الحياة من ناحية لأبنائه ومن ناحية اخرى لوالديهم، الا ان مزهر يعود ويؤكد ان الشخص الذي يملك الوازع الديني فهو بمقدوره ان يقدم لابوايه حتى لو كان القليل.

الا ان هناك عاملا ثالثا ادى الى زيادة نسبة العقوق لدى الابناء، وهو التأثر بالثقافات الغربية التي تنقل الى مجتمعنا بشتى الطرق عن طريق الاعلام، وانتشار المسلسلات البعيدة عن ديننا، والتي ارسلت رسائل سلبية الى الابناء ومنها ان ارسال احد الابوين الى دار العجزة هو نوع من التحضر، وهو بهذه الطريقة يقدم لهم خدمة.

ويعتقد عبد الرحمن ان هذه العادات الدخيلة الى المجتمع هو موجهة الى الجيل الحالي بشكل مقصود، وله ابعاد ادت الى تدهور في المستوى الاجتماعي، والتي تاتي الينا احيانا تحت مسمى حقوق الانسان التي تفعل دورها وتعطله وقت ما يشاؤون.

وتوقع مزهر ان ترتفع عدد دعاوى النفقة من الاباء والامهات خلال الاعوام القادمة، اضافة الى ارتفاع في عدد بيوت العجزة.

واكد مزهر ان بعدنا عن ثقافة بر الوالدين يتمناه كبار السن في الغرب من خلال دراسة بينت انهم يتمنون ان يبقوا في ظل عائلاتهم بعد بلوغهم الكبر.

ويدعو مزهر الى تفعيل دور الاعلام، وتسليط الضوء على هذه القضايا، والوقوف على اسبابها وقراتها، حتى نفهم كيف لأب ان يقف امام ابنه في المحكمة من اجل النفقة!

وتوقع مزهر ان يكون هناك اسباب خفية وراء انتشار مثل هذه القضايا، غير الاسباب التي اسلفنا ذكرها.

واتفق الدكتور محمد صعليك مع الدكتور مزهر ان الاسباب التي ادت الى ارتفاع نسبة دعاوي النفقة ضد الابناء هي: "قلة االوازع الديني اضافة الى التنشئة غير السليمة للابناء والتقليد الاعمى للغرب واخيراً وجود من يزاحم الابناء في النفقة كالاهتمام بزوجه والابناء واهمال الوالدين".

وفسر صعليك ان التنشئة غير السليمة هو جهل الابناء ببر الوالدين الذي يعتبر واجب عليهم، وان برهم يعتبر بابا من ابواب الجنة صحيحة اضافة الى تقليد الاعمى كوضع الاباء في بيوت العجزة، فلا يعرف الابن قيمة والديه حتى يقارفهم، إلا أن ما نشاهده حاليا من تقليد اعمى للابناء لما يشاهدونه من ثقافات الغير الذي تؤدي بهم الى ارسال والديه الى بيوت العجزة.

ولتلافي عقوق الواداين يدعو صعليك الآباء إلى ممارسة البر امام ابنائهم حتى تغرس بداخلهم معاني البر والرحمة والرأفة، ولا نصل الى مرحلة وقوف الاب امام ابنه في قاعة المحكمة.

واكد صعليك ان هناك حرباً موجهة الى المجتمعات الاسلامية، تمثلت بتغيير المناهج الدارسية، والابتعاد عن نشر معاني الرحمة والعطف، لنقل المجتمع الى مرحلة انقراض العائلات كما يحدث في المجتمعات الغربية الفاقدة معاني الابوة وبر الوالدين، وهو يحاول ان ينقل هذا المرض الى المجتمعات الاسلامية.

واضاف صعليك ان الدين الاسلامي هو الدين الفطرة الذي يقتضي البر والرحمة وتقارب بين الناس والتعايشس معهم بسلام.

واخيرا ذكر صعليك نص الاية القرانية: (وقضى ربك ألا تعبد إلا اياه وبالوالدين احسانا) التي تبين ربط العبودية لله وبر الوالدين بنفس المكانة.

ومن ناحية قانونية، اوضح المحامي فادي العرجا ان هناك قانونا يعطي الحق للاباء ان يرفع دعوة يطالب ابنائه بالنفقة وهي مادة 197 من قانون الاحوال الشخصية رقم 36 لعام2010 التي تنص: "يجب على الولد الموسر ذكرا كان او انثى كبيرا او صغيرا نفقة والديه الفقيرين ولو كانا قادرين على الكسب"، وهذا النص شرع للاب فقير الحال ان يطالب ابنائه بالنفقة، حتى وان لديه عمل ميسور.

وتكملة النص القانوني هو: "اذا كان الولد فقيرا لكنه قادرا على الكسب يلزم بنفقة والديه الفقيرين واذا كان كسبه لا يزيد على حاجته وحاجة زوجته واولاده، فيلزم بضم والديه اليه وإطعامهما مع عائلته".

يعني حتى وإن كان الابن فقيرا، الا انه يستطيع الانفاق على زوجته وابنائه عليه ان يضم والديه او احدهما اليه وينفق عليه.

واشار عرجا الى ان دعاوى النفقة للاباء ترفع في المحكمة ضد ابنائهم؛ بسبب وجود قانون يجبر الابناء على النفقة، وهذه المادة هي التي تلزم الابناء بالنفقة على الاباء، وتم وضع القانون لتنظيم العلاقة، ولوجود بعض من الابناء عاقين بآبائهم وهذا القانون القانون لحماية الاب والام.

إلا ان نسبة الدعاوى غير مرتفعة بسبب نظرة مجتمع نحو قضايا من هذا النوع، اضافة الى ابعاد اخرى دينية وانسانية وغيرها.

وذكر عرجا اكثر قضية غرابة هي قيام احد الاباء الاغنياء برفع دعوه على ابنته والقانون اعطاه الحق لرفعها، وكان الهدف هو ابتزاز لزوجته بسبب مشاكل بينهما، وبالتالي لم يعطيه القانون الحق بالنفقة من ابنته لغناه.

من جهة اخرى، بين الاب عبدالله محارب ان الاسباب التي تدعو الاب الى ان يقف امام ابنه في المحكمة هي عقوق الابناء للاباء بعدم اعطائهم حقهم عندما يبلغون الكبر فيقصروا من ناحية الانفاق عليهم، وهذا يعتبر انكارا للجميل من التربية والتعليم نتيجة ضعف الايمان لدى الابناء. ومن يبر والديه يكون وصل الى رضى الله؛ لأن الله قرن عبادته بالاحسان للوالدين، وهذا الشيء ينبع من قلب الابناء ورد ولو القليل من التعب والجميل لآبائهم.

وأضاف محارب أن امتناع الابن عن زيارة والديهم والتعامل معهم، والتنصل من النفقة، يوصل الاب لأن يقف امام ابنه امام المحكمة.

ويتأسف عبدالله ان يصل الامر الى هذا الحد، ويؤكد ان هذا هو نتيجة العقوق. ويذكر قصة ان احدى الفتيات عرضت مشكلتها على احد الاذاعات قديما؛ لعدم رغبتها في الاهتمام بأمها، ورفض دور العجزة ان تسكنها فيها ليصل الحال لأحد الاشخاص ان يهتم بها.

وقصة اخرى ذكرها هي تحول ام الى انسانه مجنونة؛ بسبب تعرضها للضرب من قبل ابنائها، واخذ ما تملكه من مال.

وابدى الشاب همام كامل استغربه من ان تكون مثل هذه الدعاوى ترفع من قبل الاباء ضد ابنائهم، مشيراً ان اهم الاسباب تعود الى البعد الديني لدى الابناء، اضافة الى اهمالهم لآبائهم والبعد عنهم. السبيل



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات