ذاكرة الغربال!!

تم نشره الثلاثاء 25 أيّار / مايو 2010 05:05 صباحاً
ذاكرة الغربال!!
خيري منصور

"من لا يقرأون تاريخهم محكوم عليهم حتى القيامة بان يكرروا اخطاء اسلافهم".

 

تلك عبارة قالها جورج سانتيانا وترجمت الى معظم اللغات ومنها لغتنا العربية ، لكن من لا يقرأ تاريخه لن يقرأ الاخرين ومنهم سانتيانا نفسه ، لان حالة العمى اذا استبدت بامة على نحو وبائي تحرمها حتى من رؤية الانف ، وليس ما هو ابعد منه ، وما يحدث الان للعرب ليس طارئا او من طراز غير مسبوق ، لقد عرفوا مرارا التشرذم وتجارب ملوك الطوائف مثلما عرفوا ثنائيات اخرى مثل داحس والغبراء والغساسنة والمناذرة ثم دفعوا الثمن وكان واحد من ابرز مفكريهم هو ابن خلدون قد اهداهم مقدمة ومنهجا لقراءة تاريخهم واوضاعهم اضافة الى وصفات تعتبر نموذجية في تشخيص التخلف والاحتراب وقضم الذات ، ان ما حدث قبل قرون يتكرر الان.. غزاة من كل الجهات يسيل لعابهم على الحدود ، ومنابع انهار تتحول الى سدود تضاعف من الظمأ ، وتهدد المستقبل بالجفاف الذي سيشمل الزرع والضرع ولن ينجو منه احد.

 

جرب العرب مرارا ان يأكل بعضهم بعضا في لحظات يقفون خلالها في طابور طويل امام المسلخ ولم تنفع امثولة الثور الابيض او حتى الغراب الابيض.

 

هذا العزوف عن قراءة التاريخ يدفعنا الى تكرار الاخطاء التي كانت لدى من سبحوا ضد التيار قابلة للاستدارك.

 

وسواء كانت المسألة جهلا او على طريقة اخذتهم العزة بالاثم ، فان المستقبل الذي يراهن عليه من قفزوا الى الامام قد يتحول الى رهينة ، لانه باختصار حاصل جمع الممكنات لما هو حاضر ومتاح وليس رجما بالغيب او قراءة طوالع في فناجين،.

 

والاخطاء التي وقعت في ازمنة كان الناس فيها اميين ، تتكرر في زمن الجامعات التي ينافس عددها الحوانيت ومحطات البنزين ، لهذا فان مصيبة من يدري هي الاعظم ، هذا اذا كان حقا يدري.

 

ان ابسط البديهيات في التاريخ تحتاج الان وفي حمى وسعار هذا الاحتراب او الانتحار القومي الى اعادة اكتشاف او برهنة ، ولا ندري كم هي المساحات التي يجب ان تخسرها امة من ارضها وسيادتها وكرامتها الوطنية كي تصحو من غيبوبتها؟ ذلك لان ما خسره العرب خلال العقدين الماضيين فقط يعجز اذكى الحواسيب عن احصائه ، ويكفي العراق وحده نموذجا لجملة هذه الخسائر،. ان الاصرار على تكرار الاخطاء يحول تاريخا برمته الى كوميديا من ذلك الطراز الشكسبيري الذي يجعل الانسان خائفا حتى من ظله ، وتبلغت حوله ليجد انه اذا وقف اخطأ واذا مشى الى الامام اخطأ واذا عاد الى الوراء اخطأ واذا راوح مكانه اخطأ

 

ان سانتيانا لم يقصد شعبا معينا بتلك العبارة التي قالها عن ثمن الجهل بالتاريخ.

 

لكن ما يكتبه الحكماء قد يصبح قابلا للصرف في ازمنة قادمة ، لانهم يكتبون عما سيحدث وليس عما حدث فقط. وذلك هو امتياز الخيال البشري والقدرة على الاستشراف عن بعد،.

 

اسرائيل مثلما ليست اول موجة غزو واستيطان عرفها العالم العربي في تاريخه الدرامي الطويل ، فقد سبقتها موجات عديدة منها ما تكسر قبل الوصول الى الشاطئ ومنها ما تمدد على البحر ليبتلع اليابسة والفضاء ، وثمة نمطان من البشر لا يرتجى لهما شفاء من وباء التذود والاحتراب والتآكل.. الاول من جهل تاريخه وكرر اخطاءه والثاني من وظف المعرفة لصالح التجهيل،،.

 

 الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات