صمت الحملان

تم نشره الأربعاء 26 أيّار / مايو 2010 05:33 صباحاً
صمت الحملان
موفق محادين

بعد ان يدب الوباء وينتشر في طيبه او ثيابه يدرك اوديب ان ثمة خطيئة في المدينة وان عليه ان يعرف سر ذلك, وكانت النتيجة اكتشافه انه سبب هذه الخطيئة.. وكان والده قد رماه في البرية وهو طفل هربا من نبوءة تقول ن ابنه سيقتله- لكنه لا يموت وذلك بفضل احد الرعاة... ويقتل والده لاحقا من دون ان يعرفه ويتزوج امه...

هذا العمل المسرحي الشهير لـ سوفوكليس اسس لتصورات درامية - سيكولوجية لا تزال مغرية لاعمال عديدة... لكن المهم في كل ذلك هو المفارقة الابدية لاشخاص وقوى مجتمعية وسياسية تعيد انتاج اوديب باشكال مختلفة, فمن الهندي الاحمر والشخصية التي يؤديها جاك نيكولسون في فيلم "طيران فوق عش الوقواق" الى "الهندي الاحمر" في قصة تيسير السبول التي تخبرنا كيف ان تيسير الفتى كان ينحاز لرعاة البقر الامريكيين ضد الهنود الحمر في الافلام الامريكية الى ان اكتشف انه هندي احمر ايضا بعد حادثة حصلت معه مع استاذ في الجامعة الامريكية في بيروت...

وقد وجدنا نماذج اخرى لهذه الحالة في فيلم "الشرطي" وهو فيلم ايطالي تأثر به, كما يبدو, المخرج المصري الراحل والمقاتل, عاطف الطيب في فيلم "البريء".. ففي الحالتين يكتشف "الفلاح" الذي انخرط في سلك الشرطة وكان شديد الولاء للمؤسسة ان الشخص الاخر الذي كان يواجه التعذيب او القمع بتهمة "قلة الولاء" والمعارضة وتهديد الامن الوطني والمصالح العليا ليس سوى ابن عمه المحامي الذي يعرفه جيدا ويعرف حبه وغيرته على شعبه ووطنه وانتقاده الدائم لسياسات الافساد والفساد الحكومية..

وتكون النتيجة صحوة ضمير عارمة تنتهي بالشرطي الى القتل على يد شرطي جديد ودورة جديدة من دهشة الوعي والقتل المتبادل..

وهكذا تتجلى الحرية في اكتشاف الاعماق الاخرى المحجوبة بأقنعة الوعي الزائف للسلطة السائدة سواء بسياساتها المباشرة او بتداعيات خوفها على هذه السلطة... وتصبح الحرية مرهونة باقصاء الذات او استبدالها او نفيها بالكامل "مقتل الشرطي" او تعذيبها "اوديب" او عذابها "الهندي الاحمر" او جنونها كما يقترح فوكو..

ولهذا السبب بالذات, فان جماعات عديدة تهرب من ضريبة الحرية الى العبودية لكن خلف اقنعة مزورة محاطة بالكثير من الضجيج والثرثرة عن الحرية وباسمها.

العرب اليوم



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات