صراع بين المسجد والكباريه !

تم نشره الأربعاء 26 أيّار / مايو 2010 05:37 صباحاً
صراع بين المسجد والكباريه !
حلمي الأسمر

كان بعض الإيرانيين "الإصلاحيين" ينتقدون تلفزيونهم الرسمي بقولهم أنه "أبيض وأسود" رغم انتهاء البث باللونين منذ سنوات طويلة ، ويقصدون بذلك سيطرة المعممين عليه الذين يعتمرون العمامات السوداء والبيضاء ، أما في بلاد العرب فالصورة مختلفة جذريا: التسابق الآن بين لونين مختلفين من أنواع البث ، المساجد والكباريهات ، وإن كانت الغلبة البادية للكباريهات ، حيثما اتجهت في عالم البث الفضائي ، سترى تنافسا على أشده بين قنوات "محتشمة" حد الاختناق ، وأخرى تلهث إلى تخوم الإباحية ، في محاولة لسرقة جمهور تائه بين مشهد مغطى بالدماء في فلسطين والعراق وأفغانستان ، وآخر يتلوى ويتلون بالشهوة في كباريهات البث المباشر ، وبين هذا وذاك تتألق فضائيات الإباحية السياسية بعروض الستربتيز الجادة ، مُحاوًلة حجز مكانة في دماغ عربي ، مولع بالمحرمات لفرط الحرمان الكبت السياسي والجنسي،.

ازدهار البث الملون ، وغزارة الانتاج الفضائي ، ربما يكون عملية تعويض على عقم الانتاج الحقيقي ، على الأرض ، من حيث إنتاج البطل والنموذج والتنمية السياسية والاقتصادية الحقيقية ، لا يكاد يمر شهر أو أقل ، إلا ونشهد عملية ولادة برنامج أو قناة فضائية ، تجتهد في ابتداع "بث جديد" يسرق الجمهور ، في تنافس محموم غير مسبوق ، على جمهور لاه لا يجد ما يفعل غير البحلقة في الشاشة لأكثر من ست ساعات يوميا على الأقل ، وفق إحدى الإحصائيات الحديثة ، إنها مجزرة تتفنن في ذبح الوقت وهدر العمر ، وإعادة تشكيل للأجيال ، وفق اشتراطات "قيمية" جديدة ، تعتمد مقاييس مُستحدثة لها علاقة بهزة خصر ، أكثر من منطق فقيه ، إنه كارنيفال عجيب من التيه ، يهدد بهزيمة المسجد أمام الكباريه ولو مؤقتا ، ليس لأن المسجد غير قادر على المناجزة والتحدي ، بل لأن مساحة وسقف الكباريه أكثر اتساعا وعلوا ، وأكثر استفادة من تقنيات الحداثة ، في حين أن أهل المسجد لم يزالوا أسيرين عقم الاجتهاد ، ومحدودية التفكير والإبداع ، فضلا عن وقوعهم تحت الضغط بالتهديد باتهامهم بالإرهاب والتطرف،. إنها معركة غير متكافئة ، بين مقاتل خجول مكبل ، وآخر منطلق في مساحات شاسعة من التشجيع والحركة،.

ويسألونك ماذا نفعل بأجيالنا ، وكيف نربيهم وسط إباحية البث ، ماذا نفعل بأولادنا المنبهرين بالألوان الزاهية ، والأستوديوهات المزركشة المليئة بنوع مستحدث من بنات الهوى ، وكيف نتعامل مع هذا السيل العرم من الفتن الطاغية ، هل نرمي الإعلام الديجيتال إلى سلة القمامة ونغلق أبواب بيوتنا علينا ، أم نترك الحبل على الغارب ، ونترك لهم "حرية" الاختيار ، في ظل منافسة غير متكافئة؟ أم نجلس سوية أمام الشاشة ، ونبدأ بـ"الوعظ": هذا حسن وهذا قبيح؟ قولوا لنا ماذا نفعل،.

الغريب أن تلفزيوناتنا الرسمية ، المدمنة بث صور الكبير وأعوانه ، دخلت هي الأخرى على الخط ، وبدأت "تتصابى" شأنها شأن العجوز الشمطاء الدردبيس ، التي تحاول أن تتزين كي تبدو شابة ، فغدت في منظر مضحك مثير للعطف ، ويبقى السؤال قائما ، والصراع قائما بين المسجد والكباريه،.
 
الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات