النقد بأثر رجعي: تزوير الانتخابات نموذجاً

تم نشره الخميس 27 أيّار / مايو 2010 05:47 صباحاً
النقد بأثر رجعي: تزوير الانتخابات نموذجاً
ياسر ابو هلالة

ترافع رئيس الوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة عن سيرته السياسية في حديثه "سياسي يتذكر". ومثل أيّ سياسي لا يمكن أن تكون تلك السيرة "نبوية"، بل هي بشرية، يختلط فيها النجاح بالإخفاق والخطأ بالصواب. وبما أنه شخصية عامة، فإنّ الحكم على السيرة من حق العامة الذين استفادوا أو تضرّروا من الحقبة التي تولى فيها.

 

وحتى لا يُغمط الرجل حقه، فهو من مدرسة تقليدية محافظة أثبتت التجارب أنها، نسبيا، أفضل من المدارس "الحديثة" التي تلتها، والتي ثبت أنها لا صلة لها بالحداثة إلا من خلال استخدام "البور بوينت" وبيع الأفلام للناس، لا تقديم المنجزات ولو كانت متواضعة.

 

إلا أنّ ما يؤخذ على هذا السياسي في سيرته أنه لم يسجل له يوما استقالة أو رفض لأداء مهمة. الأمثلة على ذلك كثيرة، فهو كان من ألدّ خصوم حكومة عبدالسلام المجالي، لكنه لم يتردد في أن يكون من أقطابها لاحقا، وفي قانون الصوت الواحد كان الأكثر وعيا وعمقا في نقد القانون، لكنه عاد واندرج في سياقه.

 

اللافت في سياق وصفه للانتخابات الأخيرة التي جاءت به نائبا قوله "التزوير في الانتخابات الأخيرة وقع جهارا نهارا". وهذا كلام خطير يدرك تماماً دلالاته، بما يمتلك من وعي دستوري وقانوني، فذلك التزوير لا يطاول شهادة جامعية، ولا ورقة نقد، بل أساس السلطات في الدستور. ونقد كهذا كان يفترض أن يقال في أول جلسة للحكومة. لكن ما حصل كان العكس، إذ حصل وزير الداخلية الذي أجرى الانتخابات على ثقة الروابدة، بعد أن احتفظ بموقعه في الحكومة اللاحقة!

 

الجهة الوحيدة، فضلا عن الإعلاميين، التي كشفت ووثّقت التزوير هي المركز الوطني لحقوق الإنسان الذي كان يرأسه أحمد عبيدات، والمفارقة أن المركز اليوم هو الذي ينتقد قانون الانتخابات.

 

الانتخابات المزورة كانت حلقة في سلسلة بدأت في تزوير إرادة الناخبين منذ العام 1993، من خلال قانون الصوت الواحد المجزأ، وهو المتّهم الرئيسي في كل ما حل بالتحول الديمقراطي من تعثر وتراجع.

 

والقانون الجديد، الذي أضاف الدوائر الوهمية، يبعدنا أكثر عن إمكانية استئناف التحول الديمقراطي حتى لو لم تشهد الانتخابات المقبلة أي تزوير سرا أو جهارا.

 

نحن أحوج ما نكون إلى نقد مستقبلي لا نقد بأثر رجعي بعد فوات الأوان، نحتاج سياسيّاً يستشرف أكثر من حاجتنا إلى سياسيٍّ يتذكر!

 

الغد



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات