لاجئون سوريون متمسكون بالحياة في مخيم الزعتري

المدينة نيوز - : كانت حياته مكرسة لأرضه في درعا بسوريا، وأنفاسه معلقة بالأشجار التي كبرت على يديه. هكذا قال أبو علاء الذي وجد نفسه فجأة لاجئا في مخيم الزعتري (شمال الأردن)، وهو يحاول استعادة نشاطه الزراعي في نطاق ضيق وبسيط، حيث بدأ زراعة مساحة صغيرة أمام بيته المتنقل (الكرفان).
يقول أبو علاء للجزيرة نت "كان يجب أن أجد طريقة للتأقلم مع العيش هنا في المخيم، وإلا لمت كمدا، أزرع بعض الأعشاب كالبقدونس والنعنع وبعض النباتات التي لا تتطلب الكثير من الماء، حيث إن رائحتها تذكرني ببيتي في سوريا، وتبث فيّ شيئا من الأمل". فالرجل يرى أن القليل من خضرة النباتات ضروري لكسر لون الصحراء في المخيم.
شحّ المياه
خلال التنقل بالمخيم يمكن ملاحظة عدد من العائلات تزرع نباتات أمام مساكنها، ووجود أسس حدائق صغيرة مسيجة بألواح التوتياء أو أقمشة الخيام، لكن الجميع متفقون على أن شحّ المياه في المخيم يعيق رغبتهم في زراعة نباتات مثمرة.
ويستخدم معظمهم مياه الغسيل لسقاية الأعشاب والنباتات، ويسعون للحصول على سماد طبيعي من مخلفات المطبخ من خضار وفواكه، عن طريق تجميعها في حاويات بلاستيكية صغيرة وزعتها إحدى المنظمات في المخيم على عدد من العائلات.
لكل طريقته في التعايش مع ظروف الحياة الصعبة في المخيم، والتعامل مع المواد البسيطة المتاحة؛ فأم محمد تقضي وقت فراغها في صناعة دمى من بقايا القماش والصوف لأطفالها، في محاولة منها لإدخال البهجة على قلوبهم، وتستخدم أيضا أكياس النايلون في صناعة الحقائب والحصائر، عن طريق قص الأكياس إلى شرائط وغزلها مجددا.
أما أبو حسن فقد خصص زاوية لتربية الحمام، وقال للجزيرة نت إنه كان مغرما بتربية هذه الطيور في شبابه، وعندما جاؤوا إلى المخيم أظهر أطفاله اهتماما بالحمام عند الجيران، فاشترى لهم زوجين، ومع الوقت تكاثرا، وأصبحت لديهم أنواع عديدة، مشيرا إلى أن أطفاله باتوا يميزون أنواع الحمام وأشكاله.
وأضاف "أطفالي يقضون الكثير من الوقت في إطعام الحمام وسقايته والعناية به، إضافة إلى أن بعض الأنواع منه كالحمام الشامي، يمكن ذبحه للطعام والحساء، ففي موروثنا يقولون إن حساء الحمام يقوي الدم". وزاد أن هناك من سكان المخيم من يقوم بتربية الدجاج، وفي أحيان قليلة البط أيضا.
تعلم مهنة
أما أبو يوسف -الذي كان موظفا حكوميا في سوريا- فوجد نفسه غير قادر على المكوث دون عمل في المخيم لتأمين احتياجات أطفاله الصغار، وعدم الاستسلام للفراغ وكآبته.
ووجد عملا لدى نجار بالمخيم، وبدأ تعلم المهنة، ومع الوقت استطاع أن يصنع رفوفا وواجهة مطبخ، حيث تعيش أسرته مع أقاربهم في نفس السكن، وذلك بعد أن جمعوا بيوتهم المتنقلة (كرفان) وحولوها لما يشبه الشقة الصغيرة.
كما بنوا سقف الفسحة بلوح من التوتياء لتصبح لديهم غرفة جلوس يمكن فيها لطفله الرضيع أن يحبو بأمان دون أن يتعرض للأذى.
يحصل أبو يوسف على الأخشاب من أرضيات البيوت المتنقلة، لأن معظم الناس يستعيضون عن الأرضية الخشبية بأخرى إسمنتية، فيصنع من ألواح الخشب رفوفا وأحيانا كراسي وقطع أثاث بسيطة، بحسب ما يطلبه الناس كطاولة أو كرسي للدراسة.
ويرى الكثير من اللاجئين أن القوانين المفروضة عليهم في المخيم لا تسمح لهم بالاستفادة من طاقاتهم وأوقاتهم بشكل نافع، لأن مخيمات اللاجئين مصممة ليبقوا على قيد الحياة مؤقتا حتى وإن كانت هذه الفترة تجاوزت ثلاث سنوات. الجزيرة نت