الأمة الأسيرة

إيران تتحرك في المنطقة انطلاقا من موقع القوة، ولو أنها خالية الوفاض ولا تملك المقومات اللازمة لتحركاتها لما وجدها أحد لاعبا بالقدر الذي هي عليه في ملاعب لا تستوعب الا الأندية من الدرجة الممتازة، وفي ذات المعنى الامر نفسه الذي أجبر الغرب على التفاهم معها بشروطها، لما خص برنامجها النووي وقد فرضت أكبر قدر من إرادتها عليه بإزالة العقوبات واستمرار البرنامج عمليا.
طهران حاضرة بقوة في الأزمتين العراقية والسورية، وهي ضمن تحالف موسكو في المنطقة بما يمكنها أكثر في المحصلة الأخيرة والنتائج، ومقابل ذلك فإن أنقرة ليست بذات المستوى رغم عضويتها في الناتو الأطلسي، وعدم قبولها في الاتحاد الأوروبي، وبهذا الواقع تكون دول الخليج كلها محل قلق وليس السعودية فقط باعتبار احتمالية سيناريو التفاهم مجددا بين الغرب وإيران، وهذه المرة ستخسر السعودية أكثر مما أوقعه التفاهم النووي.
ومع ذلك، فإنه لا يمكن اعتبار التصعيد رغبة سعودية خالصة، والأكيد انه ليس ممكنا القرار منفردا منها بقدر ما فيه أصابع أخرى دفعت إليه بغية الضغط على إيران من ورقة تمتلكها ويمكن استغلالها، ويبدو أن هذا ما يجري الآن، في حين أن نتائجه لا بد وأن تكون تقاسمية، وهذا ما تخشاه السعودية، لأن أمر استثنائها ليس صعبا، وأكثر من ذلك تحميلها الكلف كما المعتاد في مناسبات سابقة ليس أقلها الحرب العراقية الايرانية.
ويتكشف في السياق ان التفاهمات الاخيرة بين انقرة والرياض ليست بالقوة الكافية لردع إيران، والا ما معنى أن تعلن تركيا استعدادها التوسط بين البلدين، ثم أي تفاهم ذاك الذي هو في مواجهة موسكو ايضا سوى ان يكون محتشما طالما واشنطن الطرف المقابل في معادلة المنطقة، وما يجري بها وما سيخلف من نتائج نهائية.
ليس هنا سعد ليقود قادسية جديدة ورستم لم يعد نفسه وهرقل بذات الثوب، ويستمر متحفزا لغلبة الروم، اما ابو محجن الثقفي فما زال نفسه غير انه يحتاج لمن يحرره ليردد مجددا: قتلت رستم ورب الكعبة.
(السبيل 2016-01-07)