أعادوا فلسطين إلى مكانتها!

كان لا بد أن يقصف حقل التفاح ، كي تفوح رائحته العذبة وتملأ العالم ، وكان لا بد من الدم كي يقام الحد فاصلا في البحر المتوسط بين النورس وسمكة القرش ، فاللحظة الآن حاسمة ، والصحوة كونية بقدر ما هي قومية من سبات السلام الكاذب الذي أهدى الوقت الى اسرائيل كي تعيد شحذ الناب والمخلب. فلسطين بكل لغات العالم ، والعلم الجريح الذي يتعافى كما هي الهوية الخضراء الزيتونية يملأ فضاءات كانت ذات نكران واستيطان صهيوني للعقل تخلو منه ، ومن سترة أردوغان المفتوحة التي تشف عن قلب مفعم بالأسى والغضب الى ملايين الناس في كل عواصم العالم.. بات الانتصار قاب قافلتين أو أدنى من غزة ، شرط ان نتفق أولا على معنى الهزيمة والنصر ، فهما ليسا ثنائية خرقاء وساكنة يحددها السيف أو الصاروخ ما دامت هناك أخلاق آدمية تضيف بعدا ثالثا للتاريخ ، هو التراجيديا التي ترتدي الآن ثوبا فلسطينيا مطرزا بالدم لم تعد فلسطين هذا اليوم الى أهلها ، لكنها عادت الى موقعها في عقول الناس ووجدانهم واتضحت الحقيقة ، ولن تقوى الرطانة بالعبرية على طمس ما يقال بالانجليزية والتركية والالمانية والفرنسية والفارسية وما تبقى من لغات تتلألأ فيها فلسطين اسما ونشيدا ورهانا للحرية.
عادت فلسطين الى المكان الذي اقصيت عنه تارة بالقوة العمياء وتارة بالرشوة ، فهل ملء الشاشات والصفحات والذاكرات ولكل طفل أو شيخ من المليون ونصف المليون المحاصرين في غزة عشرة ملايين نصير على الأقل في شتى بقاع الأرض والرقم في تصاعد يثير الهلع في المفاصل الصدئة للجنرال المحاصر.
من يحاصر من الآن في غزة؟.
الاجابة عن هذا السؤال تتطلب تعريفا آخر للحصار ، فهل هو فقط علبة دواء ورغيف وكوب ماء وكيس طحين أم اندحار أمام العالم الحر؟ المحاصرون الآن هم نتنياهو واشكنازي وباراك وبقية السلالة ، لأن العالم أعلن اشمئزازه منهم ، واكتشف ما سماه المؤرخ اليهودري فكلشتاين دموع التماسيح التي تذرفها الضحية الكاذبة.
لقد افتدى رجال ونساء وأطفال من العالم بدءا من تركيا وفلسطين عندما انتشلوها من الغرق في الصمت ، لهذا عاد هؤلاء منتصرين وهم يرفعون أعلام بلدانهم بعد أن حققت توأمة الدم الأعلام والأناشيد في بحر تحول منذ الآن الى حليف لعكا وغزة ، ولم يعد رهينة لأسطول يتقاسم غرفة قيادته ودفاته جنرال أعمى وحاخام مسعور وقرصان مدجج بسلاح نووي.
غزة انتظرت طويلا مثل بنلوب في اسطورة الاغريق عودة عوليس التائه في البحار وقد لاحت بشارته دما قبالة شاطئها.. وستظل تنسج غضبها وأحزانها طيورا على حرير الدمع حتى يصل عوليس بكامل عافيته الفلسطينية محفوفا بزفاف كوني،.
الدستور