جورج عبد الله: اعتذار من ليث الشبيلات

لقد أحسن الإعلامي البارز غسان بن جدو وقناة الجزيرة ذات المهنية العالية والالتزام الوطني والأخلاقي المتميزين ببث حلقة حوار "مفتوح" حول المناضل اللبناني العربي المسيحي الأصيل جورج عبد الله. وقد شعرت بالخجل من نفسي لعدم الإدلاء ولو بسهم بسيط في هذه القضية النبيلة طوال السنوات الماضية ولست أدري كيف يشعر المسؤولون اللبنانيون الذين تخلوا عن مواطن قام بعمل مقاوم للاحتلال كما بين محاميه الفرنسي جاك فيرجيس فسمته الحكومة الفرنسية إرهابياً في ازدواجية معايير أخلاقية لو طبقت عليه (فيرجيس) وعلى والد وزير الخارجية الفرنسية السابق الرئيس الحالي للمجلس الدستوري في فرنسا رولان دوما الذي أعدمه النازيون لكان لزاماً وصفهما بالارهابيين وليسا بطلين من أبطال تحرير فرنسا. لقد قال فيرجيس انه خجل كفرنسي من موقف وزيرة العدل الفرنسية والتي وصفها بأنها عميلة للأمريكان, فبعد أن أمرت المحكمة بالإفراج عن المناضل الشريف صاحب السلطة المعنوية الأخلاقية الكبيرة في السجن, رضخت فرنسا لضغوط الأمريكان وداست كالعادة على مبادئ ثورتها التي يفترض أنها ألهمت الأمم وغيرت التاريخ فرفضت تنفيذ الأمر القضائي وافتعلت للمناضل العظيم جورج محاكمات سنوية تفتش فيها عن ضميره فتسأله إن كان قد غير قناعاته فيجيبهم بأنه لا داعي لحمل السلاح الآن بعد أن تحرر لبنان أما إن عاد الاحتلال الصهيوني أو غيره إلى لبنان فإنه سيحمل السلاح, فيحكمون عليه بزيادة مدة السجن سنة أخرى تكررت عشر مرات في مذبحة للعدالة. رولان دوما المخضرم في السياسة الفرنسية بيّن أن الدوافع وراء هذه المواقف هي حرب مستمرة على الإسلام (نتشرف معشر المسلمين بأن يكون رمز الدفاع عن حضارتنا المشتركة فيها هذا المسيحي العربي الشهم الذي قلب كل المعادلات الغربية كما قال الصديق أنيس النقاش). قال دوما وفيرجيس إذا كانت فرنسا تسمح للولايات المتحدة بالتدخل في هذا الملف أليس من الأولى أن تتدخل حكومة بلد جورج لتحقيق العدالة لا غير.
لم يقرأ الفرنسيون والغربيون تاريخهم وتاريخنا بشكل جيد, ففي نهاية حروب الفرنجة كما نسميها نحن وأسلافنا في كل كتب تاريخنا أو الحروب "الصليبية" كما يسميها الغربيون أسر لويس التاسع في الدقهلية وتم افتداؤه فكتب قائلاً ما معناه إننا لم نستطع فرز العرب في حربنا بين مسيحي ومسلم, فالعملاء المسلمون كانوا أكثر من المسيحيين وقد تصدى لنا المسيحيون الوطنيون جنباً إلى جنب مع أبناء وطنهم وشركاء حضارتهم المسلمين. وأتم استنتاجه بأن على الفرنجة أن يستعملوا أساليب أخرى لإحداث هذا الشرخ المهم لهم استراتيجاً حيث إن المسيحيين أصلاء في هذه المنطقة وعلى الفرنجة أن يعملوا على غزو أفكارهم وأفكار ما تيسر من إخوانهم المسلمين لتغيير انتمائهم من الشرق إلى الغرب قبل أي غزو عسكري آخر. وهكذا جاءت الإرساليات التبشيرية بعد قرون بهذا الهدف, وها هو جورج العظيم والغالبية من إخواننا المسيحيين العرب يقلبون مرة اخرى السحر على الساحر فقد تعلم هو كما نحن في مدارس الإرساليات لكنها لم تفلح مع الكثير منا في نقل ولائنا لخارج أوطاننا وحضارتنا, وبقيت الوطنية ملكاً للجميع وبقيت العمالة موزعة بين الجميع بل إن الخيانة بيننا معشر المسلمين أكثر بكثير من غيرنا. فكما حالف حكام ذلك الزمن الأقزام الفرنجة فإن حكامنا يتسابقون لرضا الفرنجة اليوم. ولكن تميز من بين حكامنا في الوطنية لبنانيون مسيحيون من أمثال العمادين إميل لحود وميشيل عون (من دون أن نتجاوز ضمير لبنان والعرب الرئيس الحص) ونتطلع إلى عهد الرئيس سليمان بنفس الآمال وهو ابن المؤسسة العسكرية اللبنانية العظيمة بعقيدتها العسكرية والتي يقول لسان حالها لشقيقاتها العربية: "تعيرنا بأنا قليل عديدنا - فقلت لها إن الكرام قليل".
أرجو أن تعتبر هذه دعوة للرئيس سليمان وللرئيس بري وللرئيس الحريري للتبني الرسمي لهذا الملف, أما التبني الشعبي فإن الرؤساء الحص وعون ولحود مدعوون لقيادتنا فيه وأرجو أن أقبل عضواً في لجنة شعبية عربية تؤسس لهذا الموضوع النبيل.
أما أنا فاعتذر بخجل عن التقصير السابق في النشاط في هذه القضية وآمل أن يشاركني المقصرون في الاعتذار ولنعمل على محو هذا التقصير اليوم وليس غداً والسلام.
العرب اليوم