اردوغان.. تمنيناه مصريا عربيا

بقدر ما ظهرت دولة العدو الصهيوني كعصابة اجرامية بقدر ما ظهرت تركيا كدولة معاصرة من الوزن السياسي الثقيل.. وبقدر ما ظهر قادة العدو الصهيوني كزعماء لعصابات ومافيات قتلة, ظهر اردوغان كرجل دولة يجمع بين الصلابة السياسية والمسؤولية, واكثر من ذلك, بين السلطان العثماني واتاتورك القومي.. ولم يعد بوسع اية عاصمة رأسمالية كبرى خاصة واشنطن إلا ان تراجع مصالحها الاستراتيجية المقبلة وتبحث عن شريك اقليمي من طراز تركيا.. فالفرق شاسع وكبير بين الحضور التركي وبين العصابة اليهودية التي تحتل فلسطين. ولعل ذلك ما اراد اردوغان ان يفهمه الجميع في خطابه الاخير.. فمقابل كيان اجرامي معزول ويشكل عبئا اخلاقيا وسياسيا على العالم كله, هو الكيان الصهيوني تقدم تركيا نفسها بصورة اخرى.
1- فهي من جهة, ابنة العالم الرأسمالي, من الاقتصاد الى الناتو كما انجزت ثورة دينية مماثلة عبر اسلام خليط من الصوفية والمدنية والليبرالية.. وهي من جهة ثانية ابنة الشرق وزعيمته لعدة قرون وتمتد مجالاتها الحيوية من اسيا الوسطى الى البانيا الاوروبية الى شمال افريقيا, مرة باسم اهل السنة والجماعة ومرة باسم الطورانية.. كما تسيطر تركيا على اهم خطوط النفط والغاز والبحار الرئيسية من الاسود الى قزوين الى المتوسط.
2- اما عربيا فحتى الشرق الذي ثار عليها بأعمدة لورنس السبعة, يشارك المزاج العثماني في مصر وافريقيا العربية, وذلك في غياب مصر, والحملة الامريكية الصهيونية اليومية ضد ايران الشيعية وربما كان على اردوغان ان يتذكر ايضا, ان الشهداء الاتراك على سفينة مرمرة سبقهم الاف الشهداء الاتراك دفاعا عن غزة في الحرب العالمية الاولى.
3- وبوسع الاتراك ان يذكروا اليهود انفسهم بان غالبيتهم الساحقة من اصول تركية خزرية, فاليهود الغربيون (الاشكنازيم) ليسوا سوى بقايا مملكة الخزر التركية المتهودة في القرن السابع الميلادي.
4- كما قدم اردوغان نفسه كزعيم ضد الارهاب مرتين: مرة في ثوب اسلامي مدني, ومرة حين ربط بين ارهاب الدولة الصهيونية وحادثة الاسكندرون التي نفذها حزب العمال الكردستاني في توقيت لا يقل غباء عن توقيت العدوان الصهيوني على سفينة مرمرة.
5- ومن قبل ومن بعد فان ملايين العرب تمنوا لو ان هذا الذي شاهدوه وسمعوه في البرلمان التركي, كان مصريا عربيا.
العرب اليوم