43 عاما من حصاد الوهم!

نحت الاستاذ محمد حسنين هيكل وصف كارثة 5 حزيران بمفردة "النكسة" فسميت نكسة 5 حزيران 1967 استطرادا لمرادفة نكبة 5 ايار 1948 ، وقصد الاستاذ هيكل ببراعة ، التخفيف من وصف هول الفاجعة ، ومواجهة الصدمة الجماهيرية العربية و.. و.. الخ.

وفي الاسابيع الاولى بعد 5 حزيران توافق النظام الرسمي العربي مع التوجهات الشعبية برفض الانسحاق واحياء الارادة العربية والتي لخصتها قمة الخرطوم في اللاءات الثلاث وهي "لا صلح ، لا مفاوضات ، ولا اعتراف" لكن بعد اسابيع اخرى بعد قمة الخرطوم في نهاية آب 1967 بدأ العرب الميل نحو التوصل الى حل سياسي يعيد كل الاراضي المحتلة في العام 1967 مقابل التنازل عن %78 من ارض فلسطين احتلت في العام 1948 فكان القرار 242 وكانت مبادرة روجرز آنذاك ولاحقا وكل المبادرات والقرارات والمشاريع التي تركزت على اختزال القضية الفلسطينية في صيغة محددة ملظفة ومخففة هي: ازالة آثار عدوان 5 حزيران واقتضى ذلك ان يوافق العرب وان يتوافق العالم رغم تناقضات وصراعات الثنائية القطبية آنذاك على ان القضية الفلسطينية هي قضية حدود وليست قضية وجود ، لكن اسرائيل التي حققت اعترافا دوليا بها واعترافا عربيا ضمنيا ثم اعترافا علنيا وعمليا ، تنكرت لأية صيغة او دعوة تسوية حدودية وازالة آثار عدوان 5 حزيران وبعد ان اقتنصت واصطادت الاعتراف بشرعيتها قلبت للعرب وللعالم ظهر المجن وبدأت هي في تكريس القضية كقضية وجود عقائدية وليست قضية حدود سياسية،،.

خلال 43 عاما رفضت اسرائيل كل القرارات الدولية وافشلت كل المبادرات والمؤتمرات ومشاريع الحلول ومنذ جولات المبعوث الدولي المنصوص على مهمته في قرار مجلس الامن 242 الصادر في حزيران 1967 عبر التأكيد على ان دور المبعوث الدولي ليس مؤقتا وانما دائما لكن اسرائيل فرضت ارادتها بابطال كل مفاعيل هذا القرار الدولي وجعلت مهمته مؤقتة بلا نتيجة خلافا للقرار،،.

لا نريد ان نُسهب في شرك كل المحاولات للتوصل الى تسوية بشأن فلسطين على مدى 43 عاما فاسرائيل رفضت على مدى 7 سنوات الالتزام باعادة اي شبر من الضفة الغربية للاردن المحتلة عام ,1967

حيث كانت الضفة في عهدة الاردن حينها وفي عام 1973 وبعد حرب تشرين وصدور القرار 338 الذي حقق المطلب الاسرائيلي بالتفاوض المباشر وترتب على ذلك فك الاشتباك الاول على الجبهتين المصرية والسورية واستعيدت اراضْ محتلة للبلدين مصر وسوريا مع استعداد اسرائيلي واضح للانسحاب من كل الاراضي المصرية والسورية لكن بدون اي اقتراب من المحرمات في نظرها وهو الانسحاب من اي شبر من فلسطين ، يومها طالب الاردن بفك اشتباك شبيه على الجبهة الاردنية باستعادة اريحا كخطوة اولى وكمبادرة حسن نية لكن ورغم تعاطف الغرب مع الاردن فان اسرائيل فرضت مفهومها بان كل فلسطين لها ونهائيا،،.

بعدها كما هو معروف قرر العرب في قمة الرباط 1974 ان تكون منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد والمنوط بها استعادة اراضي الـ 1967 عبر التفاوض السياسي ، وفتحت الامم المتحدة امام عرفات في العام 1974 ليخطب هناك وكان هنالك اعتقاد بان اسرائيل قد تعطي للفلسطينيين شيئا مقابل تنازلهم عن الكفاح المسلح والاعتراف الصريح بشرعية اسرائيل و... و... ، لكن كل ذلك الذي ادى الى اوسلو ظل بلا ثمن وظلت كل التنازلات العربية بلا ثمن ولا مقابل ايضا واستمر العرب 43 عاما يدورون في الحلقة المفرغة وهم لن يتوقفوا عن ذلك الضياع. وهنا هو اساس البلاء وكل ما عداه تفاصيل،.

 الدستور