أنفاق الرعب في «إسرائيل»

تم نشره السبت 06 شباط / فبراير 2016 01:27 صباحاً
أنفاق الرعب في «إسرائيل»
فهمي هويدي

تحولت الأنفاق الفلسطينية إلى فزاعة تلاحق الإسرائيليين في الصحو وكابوس لا يفارقهم في المنام. وإذ ظل الهمس يدور حول الموضوع في أروقة السلطة وقيادة الجيش الإسرائيليين منذ العدوان على غزة عام ٢٠١٤. فإنه ظهر إلى العلن في الأسبوع الماضي حين عرف أن سبعة من عناصر كتائب القسام استشهدوا بعدما انهار عليهم نفق كانوا يشاركون في حفره باتجاه «إسرائيل» في نهاية شهر يناير الماضي. وهو ما اعترف به المسؤولون في القطاع حين أقيم حفل تأبينهم، الأمر الذي أحدث دويا في داخل «إسرائيل» وأصبح موضع تعليق يومي في مختلف وسائل إعلامها. وعلى الفور شاع الخبر في أوساط سكان المستوطنات القريبة من الحدود. الذين أصابهم الذعر حتى أصبحوا يعتبرون كل صوت يسمعونه أو يتوهمونه في باطن الأرض نذيرا بوصول شبح الأنفاق إلى بيوتهم، حتى شَكَت الشرطة من كثرة الشكاوي من ذلك القبيل. وقد صدم الإسرائيليون حين أبرزت صحفهم ما قاله عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية في حفل التأبين إن مجموعة الكوماندوز التي كان تباشر الحفر واستشهد أغلب أفرادها سبق لها أن نجحت في أسر الجندي الإسرائيلي شاؤول أرون عبر ذات النفق أثناء عدوان عام ٢٠١٤. وأبرزت وسائل الإعلام تصريحات السيد إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي قال فيها إن حفر الأنفاق سوف يستمر للدفاع عن القطاع ضد العدوان، وأن طولها بلغ ضعفي طول الأنفاق التي بنيت خلال حرب فيتنام. وفي الوقت ذاته نقل عن أحد القياديين في القطاع قوله الأنفاق المحفورة تحت الأرض يتجاوز عددها ٥٠ نفقا ولها أعين مختلفة ومتشعبة. وهي موزعة على طول الشريط الحدودي للقطاع مع «إسرائيل».
في تقرير نشره موقع «الخليج أون لاين» في ٣/٢ الحالي أن القيادي الفلسطيني سابق الذكر تحدث عن أن إسرائيل انتبهت إلى وجود الأنفاق في عدوانها الأخير. وحاولت تدميرها إلا أن عناصر المقاومة استطاعوا خلال عام ونصف العام تقريبا ترميم ما تم استهدافه منها. كما نجحوا في حفر أنفاق أكثر عمقا أسفل الأرض باتجاه البلدات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع. وليست تلك المفاجأة الوحيدة، لأن الخبراء الفلسطينيين استطاعوا حفر الأنفاق بحيث تكون بعيدة عن متناول أجهزة الاستشعار. فضلا عن أنه تم تجهيزها بحيث تتمتع بصلابة تمكنها من احتمال القصف الإسرائيلي والقنابل الارتجاجية التي يمكن أن تستهدفها من الطائرات أو الدبابات. ومن ثم توفر الحماية اللازمة للمقاومين الموجودين بداخلها. ليس ذلك فحسب ولكن الأنفاق صممت بحيث تكون قادرة على استيعاب إطلاق عدد كبير من الصواريخ المتطورة وقذائف الهاون صوب الأهداف الإسرائيلية المحيطة بالقطاع، وفي الوقت ذاته تظل الأسلحة الدفاعية خارجة عن نطاق أجهزة الرادار الإسرائيلية.
هذه كلها لم تعد أسرارا، لأنها أصبحت متداولة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، كما صارت موضع تعليق وتحليل من جانب العديد من الكتاب. ومن الملاحظات العديدة التي أبدوها في هذا الصدد أن القبة السماوية التي وفرتها الولايات المتحدة ل»إسرائيل» إذا كانت قد استطاعت حمايتها من الجو، فإنها فشلت في حمايتها من الأنفاق المحفورة في باطن الأرض، إلى جانب ذلك فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يكف عن تحذير المقاومين في غزة وتهديدهم بالويل والثبور إذا فكروا في اختبار القوة الإسرائيلية. ولم تتأخر الولايات المتحدة عن مساندة الإسرائيليين في هذا الموقف، فاعتمدت ١٢٠ مليون دولار قدمت منها ٤٠ مليونا بصورة فورية، لتمكينهم من بناء جدار عازل من الصلب في ثلث الأرض يؤمن حدود «إسرائيل» من مخاطر الأنفاق، ويحول دون وصولها إلى القرى والمستوطنات المجاورة.
أثار الانتباه في هذا الصدد أن اليسار الإسرائيلي الذي اعتاد الدعوة إلى التهدئة. تبنى موقفا حادا انتقد في ظله تراخي الحكومة في مسألة الأنفاق. وقال زعيم المعارضة يتسحاق هرتسوغ إن رئيس الحكومة ووزير الدفاع يتجاهلان ذلك الخطر، وتساءل في كلمة ألقاها: ماذا تريدان؟ هل تنتظران أن يخرج «الإرهابيون» بأسلحتهم ويظهروا في داخل كيبوتس أوموشاف (عزبة أو قرية زراعية صغيرة)؟ أضاف أن سكان غلاف غزة يقولون إنهم يسمعون أصوات حفر الأنفاق تحت منازلهم، في حين أن الحكومة المصرية تقوم بتفجير الأنفاق في حدود رفح. ولم يكن الوحيد الذي دعا إلى تدخل الجيش من خلال شن حملة لتدمير الأنفاق لأن آخرين رددوا تلك الدعوة واعتبروا الأنفاق بمثابة التحدي الأكبر الذي يواجه «إسرائيل» في الوقت الراهن.
في مواجهة الزوبعة أكد قادة فصائل المقاومة على أن الأنفاق تدخل ضمن الإجراءات الدفاعية والاستعدادات لمواجهة أي عدوان. فيما ذكر بعض المعلقين الفلسطينيين أن «إسرائيل» تبالغ في تصوير الأمر وتقديمه باعتباره خطرا كبيرا. لتكون تلك ذريعة لشن عدوان جديد على القطاع.
في كل الأحوال فإن المشهد ينم عن إصرار الفلسطينيين على الصمود والمقاومة رغم الحصار، كما أنه يجسد عبقرية المقاومة التي نجحت في توصيل رسالة الخوف إلى «إسرائيل» باعتباره حدا أدنى لتكاليف استمرار الاحتلال.
أحدث خبر: لتأديب غزة ذكر الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في مقال نشرته صحيفة «معاريف» يوم الخميس ٤/٢ أن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي رشت بالسم خلال الأسابيع الأخيرة حقول «المنطقة الفاصلة» التي أعلنت «إسرائيل» عنها بشكل أحادي بمسافة ٣٠٠ متر عن الجدار العازل. وبشهادة المزارعين في غزة فإن الطيارين يوسعون مهمتهم بحيث تشمل حملة التسميم مساحة ٥٠٠ متر محاذية للجدار.

(المصدر: السبيل 2016-02-05)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات