الناس والانتخابات المقبلة

تم نشره السبت 13 شباط / فبراير 2016 12:57 صباحاً
الناس والانتخابات المقبلة
إبراهيم غرايبة

هناك ثلاث فئات يجب أن تخرج من تركيبة المجلس النيابي المقبل، أو يجب ألا تزيد على 10 % من النواب. وهم المتقدمون للانتخابات على أنهم مرشحو عشيرة أو منطقة من السكان، وعلى أساس هذا العنوان فقط؛ بمعنى السعي إلى حشد أصوات أبناء عشيرة أو منطقة بلا فكرة أو برنامج اقتصادي اجتماعي وطني أو محلي. وكذلك المتقدمون للانتخابات على أساس ديني؛ الذين يطلبون أصوات الناس وتأييدهم فقط لأنهم "إسلاميون"، أو لأن انتخابهم يقرب الناخب من الله. وأيضا الذين يتقدمون للانتخابات لأجل المقاومة والتحرير والوحدة العربية والإسلامية.

الدعوة إلى التخلي عن الانتخاب والترشح على أساس قرابي أو ديني أو فوق وطني، لا يعني رفض هذه الأفكار والأسس أو نبذها. لكن الفكرة هي أن توضع في مكانها الصحيح، وألا توضع في غير مكانها. فالانتخابات النيابية يفترض أن تؤدي، ببساطة، إلى إدارة كفؤة وعادلة للموارد؛ في تحصيلها وإنفاقها والحفاظ عليها وتجديدها وتعظيمها. إذ إن مجلس النواب في وظيفته الأساسية الدستورية؛ التشريع والرقابة على الحكومة، يهدف إلى تشكيل حكومة تمثل المواطنين تمثيلا عادلا. وهذا أمر لا علاقة له بعدد أصوات العشيرة أو المنطقة التي هاجر منها النائب أو هاجر أبوه أو جده منها، ولا يغير فيه أن يكون النائب يصلي الفجر جماعة في المسجد. ولن يضيف أو يغير شيئا دعاة الوحدة والتحرير والمقاومة في ترشيد أو تحسين أداء الحكومة والبرلمان، ولن يفعلوا شيئا لأجل التحرير والمقاومة، وكل ما سيفعلونه يمكن أن يفعلوه خارج مجلس النواب.

لدينا أقل من عام، وهذه فترة زمنية قصيرة، لنتجمع ونخطط للمجلس المقبل. وأتوقع أننا نملك جميعا؛ حكومة ومجتمعات وأحزابا وأفرادا، رؤية واضحة إلى حدّ معقول لما نريد أن نكون عليه، وما يجب تحقيقه لبلدنا وأنفسنا. ويفترض أن الديمقراطية -وهذه ميزتها الأساسية- قادرة على إصلاح نفسها. فإعادة الانتخابات وتكرارها يعنيان، ببساطة، المراجعة والتصحيح. ويجب أن نسأل ببساطة: ما المراجعات التي يجب أن تؤدي إليها الانتخابات المقبلة، وما المراجعات التي أجريت في الانتخابات الماضية؟

ستكون الانتخابات المقبلة هي الثامنة منذ العام 1989. وقد مرت فترة زمنية كافية، وتكررت الانتخابات بقدر يجب أن يكون كافيا لإنضاج حياة سياسية ديمقراطية تعكس تطلعات المواطنين إلى حياة كريمة، وتشكيل حكومة تمثل الناس تمثيلا عادلا. وهذا يقتضي وجود أحزاب تملك قواعد اجتماعية، وينظر إليها الناس على أنها تعبر عن مصالحهم وأفكارهم، وتوصل إلى مجلس النواب والحكومة البرامج التي تحقق أهدافهم.

كيف يكون لدينا أحزاب سياسية تملك قواعد اجتماعية، وقادرة على تمثيل الناس والحصول على مقاعد كافية في مجلس النواب، والتنافس السلمي على السلطة؟ يجب أن تعكس الأحزاب السياسية مصالح حقيقية وواقعية للدوائر الانتخابية والطبقات والفئات الاجتماعية، وأن تجتذب لعضويتها ومؤيديها فئات واسعة من الشباب، وقادة المصالح والأعمال والمهن، فالعمل الحزبي والانتخابي ليس حراكا معزولا لأجل أفكار ومُثل معزولة عن الفرص والتنافس عليها وتنظيم الأسواق والموارد والتنافس عليها وتطوير السلع والخدمات والارتقاء بها. وبغير مصالح وعلاقات اقتصادية واجتماعية ضرورية، لا يقبل الناس على الأحزاب والانتخابات؛ فهم لا يذهبون إلى الأحزاب لأجل التسلية وممارسة الهوايات، والذين يذهبون إلى حزب ما لأجل الثواب عند الله يفسدون العمل السياسي والإصلاح.. والدين أيضا!

يملك المرشحون، سواء كانوا أفرادا أو يعبرون عن كتل ومصالح سياسية واجتماعية واقتصادية، أن يتحركوا منذ اللحظة مستهدفين المواطنين؛ بالنظر إليهم كونهم أهل المدن والبلدات وأصحاب الأعمال والمصالح والمهن، والمتطلعين إلى العدالة والفرص في العمل، والشباب المتحمسين للإصلاح أو المشغولين بمستقبلهم ومستقبل بلادهم، والمثقفين والطبقات الوسطى بما هم مشتغلون بالعدالة الاجتماعية والإصلاح الضريبي والارتقاء بالخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، وتنظيم المستهلكين وحمايتهم.

الفكرة التي تلخص التنافس الانتخابي وتحتاج إلى وقفة مستقلة، هي "تدوير النخب" أو حكم الأكفأ، كيف يتقدم الأفضل؟

(الغد 2016-02-13)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات