لن تنجح انقرة في تغيير قواعد اللعبة...»الجديدة»!!

تم نشره الإثنين 15 شباط / فبراير 2016 12:46 صباحاً
لن تنجح انقرة في تغيير قواعد اللعبة...»الجديدة»!!
محمد خروب

ليس صدفة ان يتزامن الاتصال الهاتفي «المُفاجئ» بين الرئيسين الاميركي والروسي، مع ارتفاع وتيرة التصريحات التركية التي يواصل اركان حكومة احمد داود اوغلو (بما في ذلك هو شخصياً) اطلاقها والحديث عن «ضرورة» انسحاب قوات سوريا الديمقراطية, من محيط بلدة إعزاز ومطار «مِنِّغ» الذي حررته من عصابات داعش وجبهة النصرة.
ما تم تسريبه في شكل عاجل ولافت عن الاتصال الهاتفي, في شأن تطابق رأييهما حول «ايجابية» ما تم التوصل اليه في ميونخ بعد اجتماع المجموعة الدولية المُكلفة الملف السوري مع بعض المنظمات الدولية, الهادف في الاساس الى وقف «تدريجي» لاطلاق النار وادخال المساعدات الى المناطق المحاصرة «بلا استثناء»، يشي بأن الرسالة الاميركية الروسية المشتركة, كانت موجهة الى انقرة تحديداً (دع عنك غيرها) بأن عليها ان تكف عن «عَبَثِها غير المجدي، بعد ان تغيّرت موازين القوى الميدانية وبعد ان لم يعد اي تأثير لمحاولات عرقلة او تأجيل هزيمة الارهابيين الذين استثمرت فيهم تركيا كثيراً وطويلاً، ولم تحصد غير الخسائر والخيبات, ولم تنجح في إحداث اي تغيير يُذكر في معادلة التحالفات والاصطفافات، ما بالك بعد أن دخلت موسكو على خط الأزمة وقامت انقرة بعمليتها الخرقاء في الرابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي، تلك العملية التي آذت تركيا اكثر من غيرها, وأنهت في واقع الحال دورها في الأزمة السورية على النحو الذي رأيناه في «تحييد» سلاحها الجوي ولجم اي محاولة لاستخدامه او التهديد به، لأن روسيا حسمت أمرها في هذا الاتجاه وقالت في العلن وهي تعني ما تقول ايضا: بأن ردها لن يَتأخّر, وبأن انقرة ستدفع ثمناً باهظاً اذا ما اقدمت على خطوة مماثلة وسيكون الرد ساحقاً.
ما علينا..
لن تحسم قذائف المدفعية التي اطلقها الجيش التركي على مواقع قوات سوريا الديمقراطية، معارك تحرير ما تبقى من ارياف حلب الشمالية, وهذه القوات لن تنسحب من محيط إعزاز او تجبن امام بضع قذائف لا قيمة لها في معركة تبدو محسومة لصالح القوى الوطنية السورية والجيش العربي السوري، وليس الوصول الى إعزاز وتل رفعت والاشراف المباشر على المراكز الحدودية مع تركيا سوى مسألة وقت، لكن مجرد حديث انقرة عن «قواعد الاشتباك» التي طبقتها يوم اول من امس وما تزال تلوّح باستمرارها في هذا الاتجاه, يعني ان احتمالات تدهور الاوضاع في الشمال السوري (الجنوب التركي) واردة, في ظل تحرّش الجيش التركي بالقوات السورية الحكومية, تحت مزاعم بأن الجيش السوري اطلق نيرانه على نقطة حدودية في لواء اسكندرون المحتل (هاتاي التركية الان) الامر الذي يُثير المخاوف بامكانية اندلاع معركة «صغيرة», وربما تكون محسوبة في البداية لكنها يمكن أن تنزلق الى ما هو أسوأ, بعد الحديث المُبالغ فيه والمُضخّم والذي هو بغير تأثير ميداني, عن تعزيزات جوية واخرى بَرِّية مُحتملة في قاعدة انجرليك التركية المخصصة اصلاً لاستخدامات حلف الاطلسي العدوانية ومَنْ يدفع اكثر.
البيان الذي صدر فجر امس عن الخارجية الاميركية, دعت فيه تركيا بـ»التوقف» عن قصف مواقع «الكرد» والجيش السوري, في الوقت ذاته الذي دعت فيه «الكرد» الى عدم استغلال الفوضى والسيطرة على المزيد من الاراضي مصحوباً (البيان) بتعبير عن «قلق» الادارة الاميركية ازاء الوضع في شمال حلب, تفوح منه (كالعادة) رائحة النفاق الاميركي وإمساك العصا من المنتصف, خصوصاً أن الازمة (في ظاهرها) ناشبة بين «اصدقاء» لواشنطن, فالكرد السوريون مقربون من ادارة اوباما, كذلك الاخيرة معنية (حتى الان) بإرضاء انقرة وعدم اغضابها, رغم احساسها بأن سياسة اردوغان وتقلباته وتصريحاته «العصابية» غير المتوقعة, باتت تثير حفيظتها, لولا أنها في حاجة اليها لاسباب اميركية مُتزلِفة ومنافقة معروفة.
لا يستطيع اردوغان وداود اوغلو, المُضِي قُدماً في فرض قواعد اشتباك على الاراضي السورية, مهما حشدا من مدافع وعتاد ودعماها بتهديدات وتحذيرات وتصريحات مُكابِرة, تُخفي فشلاً وعجزًا لم يعد أحد في العالم يُنكرهما, بل ثمة سياسيون أتراك يقولون في العلن: ان السياسة التي انتهجتها الحكومة تجاه سوريا اوصلت البلاد الى وضع صعب, فُرص الخروج منه بلا خسائر تكاد تكون معدومة, خصوصاً ان تركيا باتت الان في مأزق مُميت, ما يتعين على تركيا تطبيع العلاقات مع روسيا وتسوية ازمة اللاجئين, لأن واشنطن لن تصطدم بموسكو من اجل انقرة على ما قال السفير التركي السابق لدى العراق وبريطانيا اونال تشينيكوز حرفياً.
هنا تكمن المشكلة او القُطبة المخفية, فليس بمقدور اردوغان ان يعلن حرباً مفتوحة على سوريا عبر اكذوبة محاربة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري PYD كي يغير موازين القوى في شمال حلب, ويحول دون الهزيمة الساحقة التي تلوح في الافق لـ(مَرْعِيِّيه) من الارهابيين, الذين اعتمد عليهم طويلاً لفرض مشروعه العثماني الجديد على المنطقة العربية عبر اقامة نظام عميل له (ولغيره) في سوريا.
ثمة قواعد «لعبة جديدة» في المنطقة, تم التوافق عليها, بعد أن قالت الميادين كلمتها, ويبقى على اردوغان ومَنْ يُسانِده في الاقليم أو يتحالف معه, أن يستخلصوا الدروس والعِبر... قبل فوات الاوان.

(المصدر: الرأي 2016-02-15)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات