200 الف وظيفه ماذا تعني بلغة الإقتصاد ؟

تم نشره الإثنين 15 شباط / فبراير 2016 03:28 مساءً
200 الف وظيفه ماذا تعني بلغة الإقتصاد ؟
النائب معتز ابو رمان

دائما ما يكون التخطيط الاقتصادي السليم هو لجلب الاستثمارات و التي توفر فرص العمل ، و يعكس حجم الاستثمار المالي الكم و النوع من حيث موائمته لطلب الاسواق المحليه و التصديريه ، و يعزز وجود الاستثمار الناجح قدرة المنتج على تحقيق التنافسيه من حيث الجوده و السعر ، و عليه فإن دراسة الجدوى لأي مشروع تنطلق بداية من تقييم الارباح المتوقعه التي تكافئ و تناسب كلفة رأس المال المستغل و ذلك بالمقارنه مع عاملين أساسيين أولا" أفضل فرصه بديله متاحه و ثانيا" درجة المخاطر التي يمر بها المشروع ، و يتناسب هذان المؤشران عكسيا مع مقومات و حجم الاستثمار ،،

لذلك كثيرا" ما نسمع مقولة أن رأس المال جبان ، و هو بالفعل كذلك كونه حذر لأنه حر و لا يحتكم الى معايير السياسه أو المصلحه العامه ، فأي إستثمار خاص تكون أولى أولوياته تعظيم الأرباح بالاستغلال الأفضل لكل المميزات و الوسائل المتاحه ، الا في الحالات التي يكون فيها مدعوما بشراكه حتميه مع الحكومه في مشاريع تخدم القطاع العام .

و لنحاول فهم ما تفضل به معالي وزير التخطيط بلغة الأرقام و تطبيقه على أرض الواقع :

تعادل الكلفة التشغيليه ل 200000 فرصة عمل مبلغ سنوي =

2000000 ( عدد العماله المقترح )X( راتب شهري مفترض على الحد الأدنى بالدينار ) 250 X ( شهر ) 12

يساوي بالمجموع : 600 مليون دينار و هي الكلفة التشغيليه للرواتب بإعتبار متوسط الإجور

و لكن ما هي الكلفة التقديريه للمشاريع التي يمكن أن توفر هذا المبلغ سنويا" ؟

المعروف أن المشروع الصناعي يختلف عن المشروع التجاري أو الخدمي من حيث كلفة الاستثمار به ، و بأي دراسه ممكنه فأنه سيكون على الأقل عشر اضعاف الكلفة التشغيليه المتوقعة له ، و بالتالي يجب أن نستقطب إستثمارات بقيمة 6 مليار دينار على النظريه الإفتراضيه من أجل توفير فرص العمل بالاعداد و الرواتب المطلوبه،،

و اذا عكسنا تأثير ذلك على قيمة الناتج المحلي الاجمالي للعام الحالي و البالغ 24 مليار تقريبا" ، فإنه من المتوقع أن يرتفع بمقدار 10 مليار مع انجاز هذه الاستثمارات، بما يعكس نمو إقتصادي إفتراضي يزيد عن 35% ، علما" بأن حجم النمو الاقتصادي للعام السابق لم يتجاوز 1% !

و هنا يجب أن ندرس مليا" حجم الإلتزام بالمشاريع الجديده التي يمكن أن نستوعبها في ظل الظروف المحيطه و تراجع الصادرات للدول المجاوره .

لا شك أن اللجوء قد فُرض علينا لأمرين ، أولا" البعد الإنساني و ثانيا" البعد الجغرافي ، و في كلتا الحالتين لم يكن أمامنا خيارات عديده ، و كما هو دأب الهاشمين في إغاثة الملهوف و إكرام المستجير ، و لكن ذلك لا يعفي المجتمع الدولي من تحمل مسؤلياته اتجاه موقفنا المُشرف،،

الأمر الذي يستحق الوقوف عنده و دراسته بتمعن هو كيف نحول هذا التحدي الواقعي الى فرصة محتمله رغم شح الموارد و ضيق الامكانيات و ضعف الاسواق ؟

و ذلك ما دعى اليه صاحب الجلاله أطال الله عمره في خطابه الأممي .

بداية إن علينا أن نستغل الإجماع الدولي إتجاه قضية اللاجئين ، و الأزمه التي أحدثها توافدهم الى أوروبا ، و ترجيح تزايد أعداهم ، و لا سيما أن الكلفة الإقتصاديه لاستقبالهم عبر الهجره غير الشرعيه كما يُطلق عليها تعادل أضعاف كلفتهم هنا ، و بالنظر الى نتائج مؤتمر لندن و ما يمكن أن نبني عليه فإن الطريق لا زال طويلا" و أن كان ما تم تقديمه من التزامات من الدول المانحه و خصص للأردن هو بوادر طيبه و لكنه بالكاد سيغطي نفقات استيعاب الحاجات الأساسيه للاجئين الذين ربا عددهم عن المليون نسمه إضافة الى متطلباتهم التعليميه و الصحيه ، و لم يتطرق المؤتمر الى أي ذكر عن توجيه الاستثمارات الأوروبيه الى الأردن و إكتفى بالزامنا بإيجاد وظائف لهم .

إن جلب الاستثمارات ليس بالأمر اليسير في ظل الظروف المحيطه بنا و أجراس الحرب تقرع من جديد ، اضافة الى خطر البطاله المتفاقمه أصلا" على أبنائنا بنسب غير مسبوقه ، لذلك فإنه من الضرورة بمكان إستمرار الجهود الدبلومسيه الحثيثة ، و على وزارة التخطيط أن تتجه مساعيها في إطار التفاوض للحصول على المنح و القروض الى شرح أبعاد الأزمه أستراتيجيا و ليس أنيا" ، و تأثيرها الديموغرافي على التركيبة السكانيه و المناطقيه على المدى الطويل .

و لا يجوز أبدا أن نبالغ بالتوقعات في قدرتنا على إستيعاب مخاطر ولوج العماله السوريه على السوق المحلي ، الأمر الذي سيعفي المجتمع الدولي من شعوره بالالتزام اتجاه حالة عدم الاستقرار لا بل حالة الخطر التي هي عنوان المرحله اليوم،،

و لقد تناول بعض الخبراء الاقتصاديين في بعض ما كتب في الصحف عن لزوم مطالبة الاتحاد الاوروبي تخفيض نسب قواعد المنشأ المفروضه على البضائع المصنعه محليا" من 80% الى 35% حتى يتم تشجيع المصانع العالميه بأن تستثمر في الاردن ، و لكن أنا أريد أن أضيف على ذلك بأن علينا الحصول على حصة سوقيه مضمونه و لمدة خمسة عشر سنه على الأقل حتى يكون التحفيز حقيقيا" ، و ذلك بإعفاء الصادرات الاردنيه الى الأسواق الأوروبيه من الضرائب أو تخفيض النسب الجمركيه عليها حتى نستطيع منافسة الدول المصدره و بالأخص دول الشرق الاقصى ،،

أما الإستراتيجيه الفوريه فيجب أن يتم توجيه القروض الميسره و المنح من الدول المانحه الى إستحداث مناطق تنمويه صناعيه محفزه، و أن يواكب ذلك تزويدها بمزارع شاسعه لانتاج الطاقه البديله الأقل كلفه لتغطية إحتياجات المصنعيين ، و يجب الإعلان عن مشاريع تشاركيه مع القطاع الخاص بتفعيل قانون الشراكه بين القطاع العام و الخاص للمشاريع الكبرى و لكن ضمن ضوابط واضحه تحقق معايير الشفافيه ، و يجب توجيه الأذرع الاستثماريه في تحضير دراسات لمشاريع محتمله لإستقطاب رؤوس الأموال ، و الاستعجال بإنشاء صندوق الاستثمار و قوننته ، و يجب أيضا" أن يتم توحيد الخطاب الوطني الحكومي و النيابي لتجاوز الأزمه سياسا" و اجتماعيا" و إقتصاديا" ، ،

إنجاز ما سبق يتطلب التخطيط الهيكلي لعناصر الاقتصاد مجتمعة و النظر الى الجزء الممتلئ من الكوب ، عندها فإن الأمل بتحويل الأزمة الى فرصه سيصبح حقيقة،،

ختاما" يقول المثل المترجم عن مدرسه " الاقتصاد الحر و الإنتاجي "

لا تعطيني سمكه و لكن علمني كيف أصطاد ؟



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات