كأس العالم: لماذا فشلت الصفقة؟!

اليوم تبدأ مباريات كأس العالم، وكان هناك فرصة للأردنيين بكل فئاتهم أن يستمتعوا بمشاهدة المباريات في بيوتهم. لكن مع الآسف لن يحدث ذلك، فقد أصبح هذا الحق طبقيّاً لمن يقدر على الدفع فقط، وقد حاول الأردن شراء حق البث من الجزيرة الرياضية لتمكين الجميع من مشاهدة المباريات، واستمر التفاوض حتّى الدقيقة الأخيرة، لكن من دون نتيجة.
في الماضي، كان عموم المواطنين في جميع الدول يستطيعون متابعة جميع المباريات على القنوات الأرضية الوطنية، التي تشتري البث بسعر معقول، ثم تغيرت الدنيا، ومع البثّ الفضائي أصبحت حقوق البث تباع للمؤسسات الكبرى، وفي منطقتنا تحتكر الجزيرة الرياضية حقوق البث، وهي ورثت صفقة تناهز 300 مليون دولار عن (آيه آر تي)، وفي الأردن يمكن شراء البطاقة لحاضنة الرسيفر بمبلغ 85 دينارا للأفراد، وأعلى من ذلك بكثير للمؤسسات.
الأردن حاول مبكرا مع الجزيرة شراء حقوق البثّ للتلفزيون الأردني على غرار ما فعلت مصر التي اشترت هذا الحق بمبلغ 22 مليون دولار، لكن بحسب المصادر الأردنية، فإنّ الجزيرة لم تستجب طوال خمسة أشهر للطلب، ثم مؤخرا فقط ردّوا بطلب 18 مليون دولار مقابل حقوق البث، وهو مبلغ خيالي كان مفاجئا جدا بالنسبة للأردن، الذي طلب معاملة مثل مصر، حيث تحسب قيمة حقوق البثّ وفقا لحجم البلد وعدد السكان، وبالتناسب مع مصر، فإن المبلغ للأردن لا يجب أن يتجاوز مليوني دينار.
وبعد إلحاح، خفضت الجزيرة المبلغ إلى 10 ملايين، ثم 8 ملايين، ووافق الأردن على هذا المبلغ رغم أنه يعادل (بالمقارنة النسبية) أربعة أضعاف ما دفعت مصر، لكن المفاجأة التالية كانت تقزيم حقوق العرض بصورة غير مقبولة، اذ اقتصرت على ثلث المباريات تقريبا (22 من اصل 64 مباراة!)، وكلها من الدور الأول، أي الأقلّ أهمية باستثناء أربع مباريات، واحدة لكل دور تال من أدوار الـ16، والثمانية والأربعة والنهائي.
النتيجة، بحسب الجانب الأردني، العرض كان تطفيشيّاً، ولا يعكس أي نيّة للتعاون، أو أي رغبة في الوصول إلى نتيجة إيجابية.
بصراحة، لا يستطيع المرء أن يرى وراء هذا التمنع سوى المكايدة السياسية، وكأنه يعزّ على الجزيرة أن ترى الدولة عندنا توفر هذا الإنجاز الشعبي لمواطنيها أو "الجماهير"، التي تتوجه لها الجزيرة بخطابها. فمن الزاوية التجارية البحتة لن تتمكن الجزيرة من تغطية مبلغ 8 ملايين دولار من بيع البطاقات في الأردن، بل ليس محتملاً أن تبيع بطاقات بربع هذا المبلغ، والأصل ان تكون هذه التقديرات هي الأساس الوحيد لحساب الصفقة. والجزيرة لديها بالتأكيد خبراء فنّيون يستطيعون تقدير ذلك.
المباريات قد بدأت، على كل حال، وخلال يومين يمكن حساب كم بيع من البطاقات، وحينها سنعرف إذا كان خبراء التسويق هم من قرر بشأن الصفقة مع الأردن أم خبراء السياسة!