حلاوة لاطفال غزة

إفتحوا معبر رفح إن الكيل قد طفح ' جميل هذا الهتاف الذي وصلنا عبر الفضائيات من حناجر شعب مصر الحبيبة. جميل هذا الهتاف الشعبي الصافي المنطلق من قلب مصري يعبق بالحب، إلى قلب فلسطيني غزواي يعيش على أمل أن يرقّ قلب الأخ الأكبر.
فتح معبر رفح وهذا جيد في كافة المعايير حتى وإن كانت المعايير السياسية التي نراقبها في الإعلام وتقول بأن الإملاء صهيوني على النظام المصري. والهدف تخفيف حدة الضغط الدولي بعد مجزرة السفينة التركية، وليس الضمير الإنساني الذي تحرك على حين غرّة. لم تكن السلطة اليمينية المتطرفة والغوغائية في تل أبيب تنتظر أن تتدحرج كرة الثلج بهذا الشكل، ولم يكن النظام المصري الذي بسبب تعنته قصدت القوافل البحر، ينتظر أن يقول العالم برمته بأن الحصار غير قانوني وظالم. فتح معبر رفح إنما النظام المصري لا يزال بفعل الإملاء الإسرائيلي الصهيوني يقول بأن 'الطوب والإسمنت والحديد ' له معبر 'العوجة ' وهو المعبر المحروس بالإرادة الصهيونية. النظام المصري والصهاينة معاً منعوا قافلة مساعدات النواب المصريين الخاصة بمواد البناء من دخول غزة. فالمعادلة في دخول تلك المواد تساوي إزاحة حماس عن السلطة في القطاع. أي مواد بناء وإعادة إعمار من دون حماس. وبغير ذلك تبقى معادلة حماس = منازل مدمرة وسكن في الخيم حتى إشعار آخر. وعلى أهل غزة أن يختاروا.
ليس هذا فقط ما وصلنا من مصر الحبيبة هذا الأسبوع. فمن قناة 'دريم ' ومن برنامج الساعة 'العاشرة مساء ' مع منى الشاذلي تابعنا الكثير. سمعناها تقول: 'مبارح رحنا غزّة خفنا رفح يرجع يقفل تاني '. وكان قرار الساعة 'العاشرة مساءً ' أن يعبر في ظل شمس ساطعة جداً إلى غزة مع العابرين. وصفت الشاذلي غزة بـ 'السجن المغلق من كل جانب '. تساءلت عن 'اهداف الحملة الدولية لكسر الحصار على غزة '؟ إلتقت ناشطات وناشطين من العالم مرابطين في غزة منذ أشهر فماذا أخبروها؟ أخبروها أنهم هنا في غزة يستغلون جوازات سفرهم الأجنبية لدعم المزارعين والصيادين وحمايتهم.
في غزة كان ثمة تواصل روحي بين منى الشاذلي وفريقها والغزاويين، ساد اللقاء بوح وتصريح بصوت عالٍ. بنفسها لمست الإختناق الذي يعيشه مليون ونصف مليون من السكان في مساحة لا تتعدى الـ365 كيلو مترا مربعا. وبعد عودتها للقاهرة قالت وعلى الملأ ولمن يعنيه الأمر بأن 'حالة إنعدام الأمل تخلق بشراً أكثر تشدداً. فداخل حماس تيارات منها الداعي لمزيد من التشدد متهماً الفريق الآخر بأنه ليس ثابتاً بما فيه الكفاية. '
وأهم ما إستنتجته الشاذلي من لقاءاتها مع المواطنين قالته بالحرف الواحد وللتنبيه إن كان هناك من يسمع ويعي 'هناك إحساس متنام لدى الأجيال بكراهية كبيرة لكل المحيط '.
بالمناسبة نسينا أن نخبركم ذاك الخبر المفرح الذي لم يكن منتظراً فقد باح مواطن غزاوي لبرنامج 'الساعة العاشرة ' بما هو مفرح للغاية. هو بيان رقم عشرة أو خمسة عشر من حكومة العدو 'أعلن ناطق بإسم حكومة إسرائيل السماح بإدخال الحلاوة إلى قطاع غزة '! تصوروا يا كل أبناء آدم وحواء الناطقين بالعربية ولن نقول المؤمنين بالقومية العربية أن الحلاوة كانت ممنوعة عن الغزاويين. تلك المادة التي نعد بها كل صديق وكل قريب نتوقع له أن يكون نزيل السجن بأن نزوره ونزوده بها. فالغزاويون مسجونون وممنوعون رسمياً وبقرار صهيوني من الحلاوة! الأطفال ممنوعون من الحلوى العربية الشعبية شبه الوحيدة.
صورة أخرى معبرة جداً نقلتها عين 'الساعة العاشرة ' إلى العالم. إنها الزيارة إلى منزل محمود الزهار وشجرة الزيتون التي زرعها في المكان نفسه الذي إستشهد فيه ولده خلال العدوان على القطاع. وكان السؤال البديهي لمنى لماذا زرعتها كبيرة؟ وكان الجواب: هي تنمو بسرعة.
وظيفة جيدة جداً أدتها قناة عربية وبرنامج له مشاهديه بالملايين داخل وخارج مصر. إستغل البرنامج فرصة فتح معبر رفح وقدم لنا الواقع دون لمسات تجميلية. وقال المعادلات الطبيعية التي قد يخلقها وضع مشابه: أنعدام الأمل = تشدداً لدى البشر. والأهم من بين تلك المعادلات البسيطة إحساس بالخطر تمّ التعبير عنه من قبل منى الشاذلي بالتالي: هناك شيء ما في غزة قد ينفجر ويؤذي الجميع. ( زهرة مرعي – القدس العربي ) .