حرق الشياطين ... في السياسة والدين!

تم نشره السبت 12 حزيران / يونيو 2010 06:02 صباحاً
حرق الشياطين ... في السياسة والدين!
ماهر ابو طير

تدخل الى المسجد لتصلي الجمعة فتسمع من الخطيب حديثا عن علامات يوم القيامة ، او عن مهمة "الشهاب" في حرق الشياطين ، وفي حالات عن "عفة النساء" المفقودة.

في حالات تسمع شتائم ناعمة او خشنة ضد الشيعة ، او ضد السلفيين ، فتهرب الى مسجد اخر ، فتسمع كلاماً ضد ابي حنيفة ، او ضد التصوف ، وفي حالات تسمع إلماحات ضد المرأة بأعتبارها اصل الفساد ، فتهرب الى مسجد اخر ، فلاتسمع الا شعراً رديئاً لتأكيد كلام الخطيب ، فيغيب القرآن لصالح الشعر.

من اين جاءت هذه النوعية من الخطباء ، ولماذا لايُدرك الخطباء ان من يصلي الجمعة اليوم ، هم غير المصلين الذين كانوا يصلون قبل مائة عام ، والخطباء يقفون امام مصلين يتابعون وسائل الاعلام ، والانترنت ، ويتلقون معلوماتهم من الكتب والمدارس والجامعات ، ووسائل الاتصال ، بحيث باتت الخطبة كأنها موجهة الى جمهور جاهل جدا ، او..أسلم لتوه.

تدخل الى مسجد اخر فتكون مدة الخطبة سبع دقائق ، ولو طلبت "بيتزا"على الهاتف لاستغرق جلبها نصف ساعة ، واذا ذهبت الى مسجد اخر لوجدت ان بعضهم يطيل وكأن المنبر منبر والده ، فيزعق بطول صوته ، ويرتجف ويتمايل ، ويستمر في الخطابة لساعة ، متناسيا ان هناك مرضى وكبار سن.

القصة ليست قصة مس الدين او الخطبة كمبدأ ، ولا انكار وجود خطباء ندرة مثل الفضة البيضاء ، تحترمهم وتبحث عنهم ، ولانريد تنفير الناس من المسجد ، غير ان مايقوم به عدد من الخطباء ، تحنيط للدين ، فأين هي الرسالة في هذا الزمن حين تمضي الخطبة وانت تتحدث عن حرق الشياطين ، وتترك كل القضايا الاخرى.

في اغلب الحالات اذا قرر الخطيب مثلا ان يحّدثك عن سر "الزكاة" وبركتها راح واستدعى سيرة شخص توفي قبل الف عام ، ولست ادري لماذا يتم دوما استدعاء شخوص من التاريخ ، وبيننا شخوص من الحاضر ، يمكن الاستشهاد بتجاربهم ، ولماذا هذا الميل دوما للهروب للوراء ، وفي حياتنا ماهو لامع ومقنع؟؟

تأهيل الخطباء لم يؤد الى اي نتيجة ، وبدلا من جعل تخصص "الشريعة" في الجامعات ، مفتوحا للمتفوقين ، يتم قبول المعدلات القليلة ، فيصير قليل الاجتهاد والذكاء ، مسوؤلا عن وعي الناس بعد سنوات ، ويمتطي الميكروفون والعقل والضمير ، ويصير واجبا سماعه ، اينما شرق نشّرق ، واينما غرب نغّرب.

نريد خطباء من نوع اخر ، خطباء لايأخذونك الى قصص الامويين والعباسيين ، لان لدينا من مشاكل عصرنا ، وهمومنا ، مايكفي للحديث حولها ، والهروب من هذه القضايا الى قصص عادية جدا ، والى التقعر باستدعاء النماذج والحكايات ، وتصغير الدين بطريقة مرفوضة ، وكأنه فقط فقه "الخلافات" او فقه "الوضوء" ، امر لابد من الوقوف عنده.

العالم وصل الى المريخ ، ومازال الخطيب يحدثني منذ الف عام ، عن سر الكواكب في حرق الشياطين ، وهذه الحقيقة لاانكرها دينياً لانها ثابتة في القرآن الكريم ، غير ان اللافت للانتباه هو التأسيس لوعي غريب ، يقول لباطن الناس ، دعوا العالم يحتل الكواكب ، ودعونا نبقى نفكر فقط في حرق الكواكب للشياطين.

المساجد يوم الجمعة لاتجد مكانا فارغا فيها ، لان الناس تبحث عن "النور" ويريدون طريق ربهم ، فيما بعض الخطباء يتولون مهمة اخرى عن جهل اوعن قصد او حسن نية ، بحيث يتولون مهمة اعادتنا الى حالة "الغيبوبة" التي تسطو على عقولنا. (الدستور)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات