حفيف درويشي في باريس!!

تم نشره الإثنين 14 حزيران / يونيو 2010 04:15 صباحاً
حفيف درويشي في باريس!!
خيري منصور

في هذه الآونة الحرجة التي تقهقر فيها العربي متخليا حتى عن لغته اصبحت اسماء المطاعم والمقاهي واحيانا الشوارع من خارج التاريخ العربي ليس على سبيل اعطاء ابعاد انسانية بقدر ما هو انجذاب اعمى للاخر الغالب حسب الفهم الخلدوني لهذه المسألة فالمغلوب لا حول له ولا قوة وغالبا ما يتماهى مع غالبه ويقلده حتى في اخطائه.

بالامس ذكرنا الفرنسيون بان لدينا رموزا تستحق التقدير على اوسع نطاق انساني عندما اطلقوا اسم الشاعر الباقي محمود درويش على ساحة في باريس ، ومن المعروف ان درويش كان ضيفا شبه دائم على ربيع الشعر الفرنسي ، ليس فقط موسميا وضمن احتفاليات تتعلق بشعر الشعوب المختلفة ، بل في الصميم من اللغة الفرنسية التي ترجم اليها شعره ، واصدرته دور نشر هي الاهم والاشهر في اوروبا مثل دار غاليمار للنشر ، وحين قرأ الفرنسيون شعر درويش على نحو لافت من حيث عدد النسخ المباعة على الاقل سمعته يقول بتواضع شاعر كبير ان الفرنسيين ضجروا من شعرائهم ، كما يضجر الزوج احيانا من جمال زوجته لفرط ما ألفها،

الغرب يعترف بنا كعرب او غير عرب عندما لا يجد سبيلا لتجاهلنا ، وهذا ليس استخفافا بالخطورة الفرنسية ، بقدر ما هو تذكير بان الحاضر لا بد ان يمتلك اسباب ومقومات الحضور كي لا يكون في مهب النسيان.

ان مجرد موعد يعقده صديقان او عاشقان او سائحان في ساحة محمود درويش بباريس هو اعتراف ابدي بالاستحقاق خصوصا في بلد كفرنسا ، التي عرفت كوكبة من اشهر شعراء المقاومة في العالم خلال فترة احتلالها في اربعينيات القرن الماضي والمقاومة شعريا وثقافيا ليست فقط ضد المحتل ، انها ايضا قدر تعلقها بالابداع مقاومة لما سماه الشاعر الفرنسي مالارميه صدأ اللغة.

فاللغات ايضا يعتريها الصدأ عندما تتعرض للهجران ، ويستخف الناطقون بها بكل جمالياتها وقدراتها الفائقة على التعبير ، واللغة العربية انفردت كما قال المستشرق الفرنسي جاك بيرل بكونها لغة ذات رسالة كونية ، وممهورة بايقاعات آسرة.. محمود درويش أحد سادة التعبير بهذه اللغة ، ويبدو ان الفرنسيين الذين يعتزون بثقافتهم ورموزها أكثر من اي شعب آخر أدركوا ما لدرويش من أهمية انسانية وابداعية ، فجعلوه مقترنا مع أهم رموزهم في تضاريس المدينة العريقة.

وحين نقرأ اسم فكتور هوجو أو موليير على شارع عربي ، لا نستهجن ذلك لأن الفرنسيين استضافوا واحدا من أهم شعراء العرب على هذا النحو الاحتفائي الجدير بالشكر،

ما وصل الى العالم من العرب ليس المال أو قوة القرار أو اي شيء آخر ، بل هو الابداع لأنه عابر للقوميات والهويات ، رغم احتفاظه بهوية حضارية وتكريم الشاعر درويش في باريس أو اية عاصمة في العالم هو تكريم لهذه اللغة العبقرية ولتاريخ الابداع الذي لا يملك العرب الآن ما هو أفضل منه للدفاع عن صورتهم ودورهم الحضاري،
(الدستور)






مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات