الجامعة والقطاع!!

وصلت الجامعة العربية الى قطاع غزة فهو لا يزال مشمولا بالرعاية القومية الممنوعة من الصرف السياسي ، رغم ان الصرف الصحي هو ايضا في خطر ، فالعالم العربي الذي افقدته متوالية التقهقر رشده التاريخي يعاني من كل ما يعدّ لدى الآخرين من الأمور اليومية المألوفة ، فالمسكن والمأكل والمأمن ثالوث اسطوري في واقع غاشم ، يظن الناس فيه انهم ولدوا ليأكلوا فقط ، وان الضرورة لا الحرية هي غاية الغايات بمعزل عن اي تقييم للوسائل.
وصلت الجامعة العربية الى غزة لكن غزة لم تصل بعد الى الجامعة ، ليس لأنها كسيحة فالحصار انبت حتى للسلاحف فيها أجنحة بسبب استجابة اهلها الباسلة للتحديات القادمة من كل فج قريب او عميق.
لقد تأخر موعد وصول الجامعة الى الجوامع المدمرة والمدارس والمستشفيات التي تحولت الى اطلال زمنا يكفي لما هو ابعد من العتاب ، فالعرب جاء دورهم استكمالا لما بدأه ناشطون من مختلف الجنسيات ولا ندري كم نصيب الجرج او الخجل القومي من هذا المشهد الذي جعل من المياه الاقليمية الفلسطينية عولمة مضادة ومحررة من الاسرلة والامركة وسائر الطبعات المزورة للتاريخ بعد ان اعلن عن وفاته بالسكتة الاخلاقية .
كان امام العرب وجامعتهم فرصة ذهبية لاستباق العالم كله الى القطاع المحاصر لكن زمام المبادرة في مكان آخر والكلام حتى الكلام اصبح باهظ التكلفة سواء في الموبايل او التصريحات السياسية التي يصعب على المرء ان يفك رموزها لانها مائعة وهي ضذّ الحصار بقدر ما هي حليفة له.
لم تهاجر غزة بحثا عن انصار من لغات اخرى ، لانها قررت عدم الخوف من الوقوف على شاطىء البحر كما فعلت من قبل عكا ، وزمن الاسوار الذي عاد الى ثقافة العرب السياسية ليس لتحصين القلاع وصد الغزاة بل لحصار ذوي القربى لكن اختبار غزة لما تبقى من ضمير انساني اسقط اطرافا عديدة ، بحيث رسبت ولم تعد مؤهلة حتى للابتدائية الوطنية والسياسية ، ومن فاز هو المحاصر الذي تغطى بسماء مرصعة بالنجوم وافترش عشبا جذوره فلسطينية حتى النخاع ، وتشبث بزيتون حفيفه فلسطيني حتى آخر قطرة زيت.
يقال ان الوصول متأخرا خير من عدم الوصول.. لكن هذا المثل لا يصمد امام دور الجامعة التي توصف بأنها عربية ، وبالرغم من ذلك رحب القطاع بالجامعة وأجّل العتاب،، ( الدستور)