الاحزاب والدور المفقود ؟؟
تتحمل الاحزاب الاردنية وامنائها العامون على وجه الخصوص مسؤولية عدم تقدم الحياة الحزبية الاردنية ، ذلك انهم قادة الفكر والرأي واصحاب المبادئ وواضعي اجندات احزابهم ، والملقى على عاتقهم اخذ الدور في تعديل اتجاهات المواطن العادي في أهمية المناخ الحزبي على الصعيد الشعبي وايصال المفاهيم الواسعة التي من المفترض ان الحزب يعمل على ترسيخها كوعي سياسي منطلق من تجربة وتراكم خبرات في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
لست بصدد تسجيل مواقف على اداء الاحزاب الاردنية لتأكيد عجزها في اقناع المواطن البسيط بالدور المأمول منها ، انما هي محاولة متواضعة لتحليل وتشخيص واقعها الذي يمثله تموضعها في اطارات جامدة وانحسار تفاعلها مع القواعد الشعبية ، الا في اطار ردات الافعال متمثلة في مشاركة الاحزاب بفعالية محدودة الاهداف والتأثير الزمني ، لا يمكن ان يمنح المواطن البسيط فرصة تقييم ادائها والاقتناع بوجودها واهميته ، فعلى سبيل المثال ظهور قيادات الاحزاب في مسيرة او عدة مسيرات تجري تنديدا بحدث يتعلق دائما بجرائم اسرائيلية والدخول في منافسة كلامية مع بعضها ضد تلك الافعال ، فإن ذلك لن يؤسس لوعي شعبي بالمستوى المطلوب ولن يحقق ما ندعو اليه من نشر ثقافة الحوار والاتصال والتأثير .
دائما كنا ننظر الى دور الحزب بحجم اكبر من كل ذلك ، نظرة تتعدى ردات الافعال وصياغة الاقوال ، فقد كان الحزب على الدوام وفي منظور الجميع وطبقا لما نراه في العالم من نماذج حزبية مؤسسة متكاملة ومدرسة بكل ما في الكلمة من معنى، يحتضن اصحاب فكر عملي قابل للتطبيق وبرامج وطنية تحاكي تطلعات المواطن في ايجاد قيادات تجمع بهم وحدة حال ، وتدفع بإتجاه تعزيز دور المجتمع في صياغة حاضره ومستقبله ، ويشترك في ايجاد الحلول الناجعة لقضايانا الاقتصادية ويساهم في الاصلاح السياسي عمليا ، لا أن يتكئ الحزب في تبرير ضعفه المزمن في التفات المواطنين عن الانخراط بكوادره وتقليل مستويات الثقة الشعبية بدوره بمسألة عدم التعاطي بالمستوى المطلوب من الحكومات معه والاتهامية التي طال امدها بعرقلة الحكومات لتطور الحياة الحزبية .
اذا كانت الاحزاب ستبقى حبيسة هذا التفكير العدمي ، فبالتأكيد لن تصل في يوم من الايام لمستوى فكر وثقة المواطن بدورها ، لان الاصل ان الاحزاب مجتمعة او منفردة لابد لها من بلورة وخلق الواقع الذي يفرض على الجميع النظر اليها كمؤسسة فاعلة ومتفاعلة مع مجتمعها لا ان تبقى كما هي الان ، تتكلم من برج عاجي عن المجتمع المثالي وعن افكارها وبرامجها ، بلغة لايفهمها الا القائمين عليها ، ولا يملك اي فرد آخر فك طلاسمها او الوصول الى المعطيات والنتائج التي تلبي طموحات المواطنين ، وإلغاء الطبقية التي تمارسها بعض قيادات الاحزاب وترسيخ الشرخ مع شرائح المجتمع والتأكيد على أنها وحدها من يمكن ان تحدث التغيير ، ولا تضع وزنا لاي فعل او جهد يبذله الاخرون ، فتبقى الاحزاب بعيدة عن ملامسة الواقع المعاش والالتحام مع قواعدها من المواطنين ، والا فإن الحلقة المفقودة وفك الشيفرة لعلاقتها ودورها سيبقيها في نفس المكان وذلك الاعتقاد والتفكير .
