حفل استقبال على ظهر الباخرة «مرمرة»

تم نشره الجمعة 18 حزيران / يونيو 2010 06:26 صباحاً
حفل استقبال على ظهر الباخرة «مرمرة»
د. رحيل غرايبة
(مرمرة) إحدى سفن أسطول الحرية، دخلت التاريخ الحديث واحتلت موقعاً في الذاكرة العالمية، وستبقى شاهداً أبدياً على الظلم الدولي وتواطؤ الدول العظمى على الصمت المخزي على أبشع جرائم القرصنة في عرض البحر وعلى أوضح مشهد عملي يرسم معالم البلطجة الصهيونية في إظهار القوة والبطش نحو ناشطين مسالمين جاءوا للتعبير عن موقفهم تجاه جريمة دولية تاريخية تقترف بحق شعب (غزة) المحاصر ظلماً وعدواناً.

يروي الشيخ (سالم الفلاحات) والذي كان على متن هذه الباخرة أنّه تمّ إعداد برنامج لأهل السفينة أثناء مسيرها في عرض البحر بفقرات متعددة، وكان من هذه الفقرات حلقة تكريم أو حفل استقبال للناشطين الأجانب الذين جاءوا للمشاركة في هذا العمل الإنساني النبيل من مختلف دول العالم، من أمريكا وانجلترا وايرلندا والسويد ودول أخرى كثيرة، وهم ليسوا عرباً ولا مسلمين، وإنّما يحملون قلباً لا يطيق الظلم، ويؤمنون بقيم الحريّة التي يجب أن يتمتع بها الآدميون جميعاً.

ومن هؤلاء الناشطين شاب سويدي، وعندما سئل عن أهمّ الدوافع التي جعلته يتجشم عناء السفر ويعرض نفسه للخطر في هذه الرحلة غير معروفة العواقب وليس هناك ضمانات للأمن على الحياة والنفس في ظل التهديدات الصهيونية المعلنة، فقال: لقد جئت في هذه الرحلة؛ لكي لا أشعر بالخجل عندما أجلس مع عائلتي وأطفالي، وحتى لا أشعر بالخجل من نفسي عندما أنظر إلى وجهي في المرآة.

هذه الكلمات عندما سمعتها أصبت بقشعريرة تجتاحني من رأسي حتى أخمص قدمي، وقلت ليت كل عربي وكل مسلم في هذا العالم يسمع هذه الكلمات من هذا الشاب السويدي، الذي يعيش في دولة تتمتع بأعلى مستوى على صعيد الدخل الفردي والتقدم المعيشي ومستوى الحياة فضلاً عن التمتع بالديمقراطية والحرية والكرامة، وأن يسمعها كل زعيم وحاكم دولة.

أمّا الشخصية الأجنبية الأخرى فكانت امرأة بريطانية عضو في مجلس النواب البريطاني واسمها (سارة)، فقالت أنا أعجب من قيامكم بتكريمنا، ونحن سبب بلائكم، ونحن أصحاب وعد بلفور، ونحن المسؤولون عن وجود هذا الكيان الذي يمارس الظلم والحصار.

أمّا القصة الثالثة فتتعلق بالمطران كبوتشي الذي يصل عمره إلى (88) عاما، وما زال يملك روح المغامرة ويشارك في هذه الرحلة. ثمّ يأتي ليشارك في صلاة المسلمين عندما أقاموا صلاة المغرب والعشاء جمعاً على ظهر الباخرة، ثم يرتجل حديثاً توجيهياً بعد انتهاء الصلاة فيقول مستشهداً بآية من القرآن الكريم: {لتجدنّ أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدنّ أقربهم مودةً الذين قالوا إنّا نصارى...}، ثم يذكر الاتفاق على المبادئ العامة التي تعلي من شأن إنسانية الإنسان وكرامته وحريته من أجل أن يكون قادراً على القيام بوظيفة العبودية لله.

وأكثر ما أثّر بالعرب الموجودين على ظهر الباخرة كلمات ذلك الشاب التركي الذي لم يصل الثلاثين من عمره، الذي قال: هذه أول دماء تركية تراق على البحر المتوسط من أجل فلسطين منذ عام 1924م، إنّها كلمات تنطق بالروعة والجمال والأمل والطموح والمستقبل المفعم بروح الثبات والتحدي والثقة بوعد الله القادم إن شاء الله.

إنّ ما تمّ في أسطول الحرية يكاد يكون تطبيقاً عملياً معاصراً لمضمون حلف الفضول الذي شارك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، فقال: لقد دُعيت إلى حلف في دار عبد الله بن جدعان في الجاهلية، ولو دُعيت إليه في الإسلام لأجبت، وهذا الحلف كان يقوم على نُصرة كل مظلوم وإعادة الحق لصاحبه في مكة وكل من دخلها زائراً أو حاجّاً.

تحية لكل شهيد سقط في معركة الحرية، وتحية لكل جريح ومصاب في هذه الرحلة المباركة، وتحية لكل من شارك في رحلة أسطول الحرية، وتحية لكل الشعب التركي وتحية لأردوغان ومعه تركيا التي سطرت صفحة مشرقة في تاريخ البشرية.
(الراي)


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات