ماذا يتبقى من الطبقة الوسطى؟!

تم نشره السبت 19 حزيران / يونيو 2010 05:41 صباحاً
ماذا يتبقى من الطبقة الوسطى؟!
محمد أبو رمان

مفتاح "البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي"، الذي أعلنته الحكومة أول من أمس، يكمن في نقل الحرائق في الموازنة العامة إلى جيوب المواطنين، وتحميلهم أعباء إضافية، وتكبيل قدراتهم على التكيف مع الضغوط الاقتصادية.

أمّا الفقرات، التي تضمّنها البرنامج عن دعم الطبقة الوسطى والفقيرة، فكلها صياغات ليس لها مردود واقعي حقيقي، وليست أكثر من محاولة لتجميل "حُزمة الضرائب" والسياسات الجديدة، وتمريرها!

الرفع الكبير للضرائب (على البنزين والاتصالات الخلوية والسجائر والمشروبات الكحولية، وإلغاء إعفاء القهوة) سيؤثر بالضرورة على أسعار أغلب السلع والخدمات، وسيطاول الطبقة الفقيرة، فيما يطرح سؤال: ماذا سيتبقى من الطبقة الوسطى؟!

كان تقييم كثير من المراقبين للفريق الاقتصادي الحالي بأنه ينتمي إلى "الليبرالية الاجتماعية"، وقد أعلن عن تحفظات (ضمنية) على السياسات الاقتصادية السابقة، التي لا تراعي الجانب الاجتماعي، وإذا به يسير في الطريق نفسها، ويقوم بما لم يقم به دعاة "الليبرالية المتوحشة".

ذلك أنّ النِسب الجديدة من الضرائب تستبطن "مدرسة اقتصادية"، لا توجد إلا في دول متقدمة، يتمتع مواطنها بدخل مرتفع وعال، وخدمات متميّزة، وفي المقابل تتوافر له فرص عمل وخيارات واسعة ومنظومة قوانين حاسمة، وهي ظروف (بالضرورة) مفقودة هنا.

معضلة المعادلة الاقتصادية الجديدة أنّ الشريحة الاجتماعية العريضة غير مؤهلة لها، وليست قادرة على التكيف الفجائي معها، وتحتاج إلى مراحل تمهّد الطريق عبر إعادة هيكلة في التعليم وسوق العمل ومنظومة القوانين، وإلاّ فإنّها (أي المعادلة الاقتصادية) ستخلق تشوّهات وشروخا اجتماعية واقتصادية واسعة وكبيرة.

القرارات الاقتصادية الجديدة تقطع خطوات واسعة في تخلي الدولة عن مسؤوليتها الاجتماعية، والحدّ من نفقاتها ودعمها للسلع، واختزال التفكير فقط في الحدّ من النفقات العامة، وكذلك الجارية، وما قد يحمله ذلك لاحقاً من الاستغناء عن أعداد من الموظفين في القطاع العام.

الجانب المسكوت عنه في التحولات الاقتصادية البنيوية أنّها تطرح مدى صلاحية "المعادلة السياسية" الحالية، التي قامت على "العلاقة الزبونية" بين الدولة والمواطنين، و"مقايضة" الولاء بتوفير فرص عمل وتعليم وخدمات ودخول شهرية جيّدة، ما كان يكفل "تسكين" شريحة واسعة من المجتمع.

إذن، تسير هذه السياسات "شوطاً" جديداً في التحول الاقتصادي، الذي يستبطن تغيّراً في نمط العلاقة بين الدولة والمواطن، تذوب وتذوي معه الصيغة السابقة، وتنتج مقايضة جديدة معكوسة، يدفع المواطن للدولة، ويوفر القطاع الخاص الفرص، وفي المقابل تقدّم الدولة الأمن والخدمات الأساسية.

سيكون الخيار السياسي مستقبلا، إمّا إبقاء ماكينة "شراء الوقت" وبيع الكلام وسياسة "طحن الهواء"، ما يُنتج مزيداً من الأزمات والمشكلات، كما هي الحال في الإضرابات والعنف الاجتماعي وأزمات المعلمين والمتقاعدين وسؤال الوحدة الوطنية، أو إصلاحا سياسيا بنيويا، لا شكليا، ولا دوراناً حول الذات، يضمن توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار وتمثيل الشرائح المختلفة.

الغد


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات