الاتجاهات العامة للفلسطينيين كما يرسمها استطلاع «فافو»
تم نشره السبت 19 حزيران / يونيو 2010 05:46 صباحاً

عريب الرنتاوي
يبعث الاستطلاع الأخير الذي أجراه مركز "فافو" النرويجي في الضفة الغربية وقطاع غزة برسائل محمّلة بالدلالات لكل الأطراف ذات الصلة بالمشهد الفلسطيني في بعديه الداخلي (الانقسام) ، والخارجي (الصراع الفلسطيني الإسرائيلي) ، قيمة هذا الاستطلاع الذي أُجري قبل وقوع العدوان على أسطول الحرية ، أنه يصدر عن جهة "ليست ذات غرض" ، وقد سبق لاستطلاعاتها السابقة أن حظيت باهتمام سياسي وأكاديمي متميز ، فماذا تقول نتائج الاستطلاع وأرقامه:
أولا ، في البعد الداخلي (الانقسام):
تقول نتائج الاستطلاع لفتح أنها ما زالت موثوقة اكثر من حماس كقيادة للشعب الفلسطيني ، لكن النتائج تقول للفصيلين الرئيسين أن ثلث الشعب 30( بالمائة) لم يعد ينظر لأي منهما كقيادة موثوقة له.
لو جرت الانتخابات التشريعية اليوم ، فإن كفة فتح سترجح على كفة حماس ، وستحظى الأولى بغالبية الأصوات ، لكن الرسالة التي تتكشف عنها أرقام الاستطلاع حول هذه النقطة بالذات ، تقول أن نصف الفلسطينيين ما زالوا يجلسون في "المنطقة الرمادية" بين فتح وحماس ، وأن هذه الكتلة الضخمة من الشعب ، كفيلة بترجيح كفة هذا الفريق أو ذاك ، فلا ينبغي لفتح أن تسعد بقراءة هذه النتائج ولا ينبغي لحماس أن تركن على "يقظة الكتلة المترددة وقرارها في ربع الساعة الأخير" ، فهذه قوة مقررة لنتائج أي عملية انتخابية ، وهي قوة مجهولة تماماً.
تبعث نتائج الاستطلاع برسالة إلى خصوم حكومة فيّاض ومنتقديها والمحذرين من مخاطر اندماج مشروعها بمشروع السلام الاقتصادي ، ومن ضمنهم كاتب هذه السطور ، مفادها بأن هذه الحكومة باتت تحظى بثقة أكبر من السابق ، وتفوقت على حكومة هنيّة من حيث "شعبيتها" ، وهذا أمر يستوجب الدراسة والتأمل.
تفيد النتائج أيضاً أن أجهزة أمن الضفة (أجهزة دايتون) تحظى بتأييد وثقة أعلى من أجهزة أمن حماس (التنفيذية) ، وهنا أيضاً يمكننا أن نعثر على رسائل هامة من نوع حاجة الناس اليومية للأمن والأمان من جهة ، وحاجة أجهزة حماس لمراعاة قواعد الديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان في أثناء ممارستها لمهامها.
غالبية الفلسطينيين الساحقة 89( بالمائة) تريد انتخابات تشريعية وتستعجلها ، شريطة أن تتم في الضفة والقطاع على حد سواء ، وأن تشترك فيها حماس بحرية 84( المائة) ، وهنا يبعث المواطن الفلسطيني برسالتين واحدة لحماس وأخرى لفتح ، رسالته لحماس تقول أن تأجيل الانتخابات إلى أمد مفتوح ليست سياسة ولا خياراً شعبياً ، ورسالته لفتح تشدد على أن إجراء انتخابات في الضفة فقط أو من دون مشاركة حرة وعادلة لحماس ، ليست خياراً شعبياً كذلك.
ثانيا ، في البعد الخارجي (الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي):
أظهرت نتائج الاستطلاع أن غالبية الفلسطينيين 70( بالمائة) تؤيد اعتماد أشكال مدنية وشعبية (غير عنفية) من المقاومة ضد الاحتلال والحصار والعدوان والاستيطان ، وفي ظني أن هذه النسبة ارتفعت بعد جريمة الاعتداء على أسطول الحرية وما أثارته من موجة غضب وتضامن دولي كان لها أثراً حاسماً في زعزعة الحصار وبدء تفكيكه. وهنا أيضاً يبعث الفلسطينييون برسائل لا لحماس وحدها بل ولفتح أيضا ، رسالة الشعب لحماس تقول أن المقاومة ليس لها أشكال وأدوات "صنمية" ، وأنها هذه الأشكال تخضع لحسابات الربح والخسارة ، وليس لمعيار إيديولوجي ثابت ومقدس ، وفي هذا السياق قال 61 بالمائة من الفلسطينيين بأنهم يؤيدون وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على إسرائيل....أما الرسالة التي يوجهها الشعب إلى فتح فتقول أن المقاومة المدنية والشعبية ليست "مقاومة مختبرية" تقتصر على قرية أو "قاطع عمليات" أو "شريط حدودي" ضيق ، وإنها تستمد خصائصها من اسمها: مقاومة شعبية ، أي أن الشعب ، كل الشعب ، وفي مختلف أماكن تواجده يتعين عليه الانخراط في المقاومة ، وعلى القيادة أن تفعل هذا الخيار وتعممه.
الرسالة الثانية التي وجهها الرأي العام لفتح وحماس تتعلق بالمفاوضات السياسية وفحواها أن ثلاثة أرباع الفلسطينيين 73( بالمائة) تؤيد الاستمرار في هذه المفاوضات ولكن بشرط وقف الاستيطان مسبقاً ، وبهدف ترجمة شعار "دولتين لشعبين" الذي لا يزال يحظى بتأييد غالبية الشعب برغم انتعاش الخيارت والبدائل الأخرى (الدولة ثنائية القومية على سبيل المثال).
الدستور
الدستور