بعد آخر للصعود التركي

اضافة للابعاد السياسية التي تتناولها الكتابات المختلفة للباحثين والسياسيين حول تركيا اظهرت مجموعة الحوارات التي بثتها قناة التركية الفضائية عبر برنامجها الاقتصادي الذي يقدمه الاعلامي الاردني السابق امجد ابده, ان تركيا تحظى بثقة عالية من قبل المستثمرين والمدخرين العرب والاجانب كذلك.
وقد استفادت تركيا على هذا الصعيد من عدة اعتبارات, بعضها خاص بها نفسها, وبعضها الآخر خاص بالاسواق والمصارف في العديد من البلدان الرأسمالية الاخرى, الاوروبية والامريكية وغيرها..
فمن جهة, تتمتع تركيا بمزايا كثيرة من حيث التسهيلات الاستثمارية والاستقرار السياسي والامني ومن حيث كفاءة الايدي العاملة والكوادر ومن حيث السوق وامتداداته الاقليمية والدولية وكذلك من حيث الضمانات الاجتماعية والتقاليد النقابية التي تتسم بقدر ملموس من التوازنات المجتمعية..
والاهم من كل ذلك الامن الاقتصادي للاستثمارات الذي لا يسمح للتجاذبات السياسية ان تنعكس عليها.
وبالمقابل اظهرت اسواق وحالات اخرى خاصة في بلدان مثل امريكا وبلدان اوروبية متطورة عديدة ان الاموال والاستثمارات المهاجرة اليها غالبا ما تتعرض للقرصنة والابتزاز السياسي بالاضافة للهزات الاقتصادية الكبرى وتداعياتها كما حدث في ازمة البورصة والعقارات العالمية الاخيرة.. كما ان هذه الاموال والاستثمارات المهاجرة تتعرض لاشكال واسعة من الاحتيال والمافيوية في بلدان اخرى عربية وآسيوية وافريقية فضلا عن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في هذه البلدان..
وليس بلا معنى ان ترتفع الاستثمارات الاجنبية خاصة العربية في تركيا خلال سنوات حكومة اردوغان خمسة اضعاف على الاقل.. وتساعد التفاهمات والتحولات الاقليمية المتسارعة لطرق النفط والغاز والطاقة والمياه, على جعل تركيا محط اهتمام وثقة هذه الاستثمارات عاما بعد عام.. ويخشى في هذه الحالة ان تخسر بلدان عربية مثل مصر جزءا كبيرا من هذه الاستثمارات جراء الاداء السياسي السائد مقابل الاداء السياسي الرفيع التركي الذي لعب دورا كبيرا في نقل تركيا الى هذه المرحلة. ما يدحض تماما كل ما روجته ادارة السادات واستمر بعده حول الاستثمار والسلام بالمنطق الاسرائيلي.. فتركيا اليوم بموقفها السياسي تقدم درسا اخر في حقل الاستثمارات والاسواق الحرة نفسها..0
(العرب اليوم)