التلفزيون والانتخابات

تنشغل عدّة جهات بالانتخابات، وستنشغل معظم منظمات المجتمع المدني إلى جانب جهات رسمية، مثل وزارة التنمية السياسية، بورشات حوارية وبرامج للتوعية وتشجيع المشاركة.
ويبقى التلفزيون هو القناة الأشمل والأوسع للوصول إلى الجمهور. وبرغم أن التلفزيون الرسمي يعمل الآن وسط بحر من الفضائيات الخارجية والمحلية، فهو سيحتفظ بميزة حاسمة إذا أحسن استغلالها! فالانتخابات عندنا ستكون شأنا ثانويا جدا في الفضائيات الخارجية من خلال خبر يأتي كلما استجد شيء مهم حولها، أمّا الفضائيات الخاصّة فهي تنجح بصورة معقولة في استقطاب المشاهد، لكنها لا تملك الإمكانات للقيام بما يقدر عليه التفلزيون الأردني.
أما ما يقدر عليه التلفزيون الاردني فهو كثير، فالقناة الثانية، بحسب ما علمت أمس، ستخصص للانتخابات، وسوف يظهر جميع المرشحين في جميع المحافظات على الشاشة في لقاءات حوارية.
في الانتخابات الماضية استنكف التلفزيون عن هذا الدور، فلم يقبل لا دعايات انتخابية ولا برنامج حوارات مع المرشحين كنت اقترحته عليهم، واكتفوا بحوارات مع الشباب في المحافظات لم يكن فيها جديد بعد حلقة أو اثنتين، وكأن التصوير في مكان والعرس عند الجيران!
ما يجذب الناس خلال شهر الانتخابات هم المرشحون، فلدى الناس في كل محافظة الفضول لرؤية هؤلاء الذين ينشدون ثقة الجمهور؛ من هم؟ ما هي شخصياتهم؟ كيف يتحدثون؟ وكيف يجيبون عن الأسئلة، وهذا أقوى بكثير من الدعاية الانتخابية المعلبة، التي يظهر فيها المرشح ليقول نصّا مكتوبا سلفا.
في العام 2003 خضت هذه التجربة المثيرة بفتح حوارات مع المرشحين أمام جمهور صغير يتدخل بالأسئلة أيضا، لكن الوقت الذي أتيح كان محدودا، ساعة ونصف يوميا على القناة العامة خلال 27 يوما، كان يتوجب أن نحشر فيها كل مرشحي المملكة، وقد اضطررت لوضع برنامج دقيق لا يتيح أكثر من 3 دقائق موزعة على مداخلتين للمرشح الواحد، ومع ذلك نجحت العملية بصورة باهرة واستقطبت الجمهور.
أمّا الآن، فالفرصة أوسع مع بحبوحة من الوقت على القناة الثانية، وآمل أن يدار المشروع بكفاءة، ويوجد لدى التلفزيون الوقت كله لتحضير ذلك، وكنت سأرغب كثيرا بإدارة مثل هذه الحوارات، لولا أنني سأكون هذه المرّة على الجانب الآخر أي جانب المرشحين!
الى ذلك الحين، أي شهر الدعاية الانتخابية وظهور المرشحين على الشاشة، سيكون ضيوف الحوارات هم الفاعليات العامّة، واللافت أن التلفزيون فتح الباب لمختلف ألوان الطيف السياسي بعد حقبة من عمر التلفزيون غاب فيها تماما ممثلو التلاوين السياسية وخصوصا الإسلاميين.
وبحسب ما علمت، فهناك برنامج جديد سيخصص تقريبا للأحزاب والجماعات السياسية، ولمّا كان عدد الأحزاب الفاعلة محدودا فيمكن إضافة الفاعليات المستقلّة التي تمثل أيضا تلاوين سياسية وفكرية.
التلفزيون الأردني، بإمكاناته الكبيرة، يستطيع أن يجعل من هذه الفترة مناسبة ذهبية لاستعادة الجمهور، والمشاهد يقلّب على جميع المحطّات، ويبحث عن البرامج وليس القنوات.