اعادة اعتبار...

منذ فترة والقاموس السياسي العربي يصحح نفسه ويعيد الاعتبار للخطاب واللغة السياسية التي غابت منذ عام 1990 تحت ضغط حقبة الفساد والخراب الامريكية - الصهيونية, وحلت مكانها الأوهام والترهات إضافة للعدمية والإملاق والفقر المعرفي المدقع.
فمن اتهام الخطاب الوطني والمقاوم بأنه من عصر غابر ولغة خشبية وخارج التاريخ الى سيادة القاموس الذي انتجته الدوائر الاستخباراتية الامريكية واليهودية العالمية واستبدلت فيه اللغة السياسية والمعرفية الرصينة والمقاتلة, في الوقت نفسه, بكلام اجوف بلا معنى فتحولت المهام الوطنية والديمقراطية على امتداد مساحات الامة, الى عناوين فارغة مضللة باسم الحوكمة والحكم الرشيد والمشاركة الايجابية.. كما استبدلت التصنيفات الموضوعية السياسية والطبقية للدول بعناوين اكثر تضليلا من معسكر الدول المارقة والفاشلة والشريرة الى معسكر الدول المعتدلة (المقصود الدول التابعة للمعسكر الامريكي) ... وغيرها من التصنيفات التي قدمها الزميل نبال خماش في كتابه المهم الذي لم يأخذ حقه على الصعيد العربي..
وكان ملاحظا ايضا ان خطاب الحقبة الامريكية - الصهيونية الفاسدة المذكورة سرعان ما وجد زبائنه في كوكتيل غريب عجيب من رجال البنك الدولي وجماعات التطبيع مع العدو الصهيوني والمافيات واليسار الانتهازي الذي تقاسمته السفارات والحكومات العربية والجهات الدولية التي تشرف على مراكز الدراسات الخاصة وحقوق الانسان وغيرها من المنظمات التي تقدم نفسها كمنظمات غير حكومية للدفاع عن الحريات والتدريب على الانتخابات .. الخ.
مقابل كل هذا الخراب والفساد واصل شرفاء الامة واحرارها تمسكهم بحق هذه الامة في النهوض والتقدم والاتحاد والديمقراطية والسيادة القومية وعدم التفريط بأرضها التاريخية وخاصة فلسطين العربية التي لا تقل فيها مكانة حيفا ويافا عن القدس, او كنائسها عن مساجدها.. واستعادت اللغة السياسية اهميتها واحترامها من جديد مثل, حركة التحرر الوطني حيث ترتبط الديمقراطية بالصراع مع العدو الوطني, الطبقي والسياسي وخاصة التحالف الامريكي - الصهيوني وارتباط قوى التبعية المحلية معه, ومثل استعادة خطاب المقاومة والصراع مع الغزاة الاجانب وعلى رأسهم الاحتلال الصهيوني في فلسطين والاحتلال الامريكي في العراق بعد ان سادت سابقاً اوهام التعايش والسلام مع المحتلين كما لم تعد حقوق الانسان والحريات العامة وموضوع المرأة كانتونات ديمقراطية مبعثرة منعزلة, بل عادت لتكون جزءا من برنامج واحد للتحرر الوطني الديمقراطي مما يعيد الاعتبار في الوقت نفسه للعمل الحزبي والمدني الجماعي بعد ان اختطفت هذه المهام من قبل المراكز الخاصة الشخصية التي جرى تسويقها كممثل للمنظمات غير الحكومية..
ولا بد من الاشارة, كذلك, الى اعادة الاعتبار للايديولوجيات المختلفة بعد ان تمت مصادرتها باسم البرامجية والخدماتية.. الخ . ( العرب اليوم )