لماذا تقرر فرنسا إغلاق فضائية الأقصى

ليس غريبا على الجهات المعنية في فرنسا أن تمنع بث فضائية الأقصى على قمر (نور سات) الذي يأخذ خدماته من قمر "يوتيل سات" الفرنسي ، بدعوى بثها لمواد تعزز الكراهية ، لا سيما أننا في عصر ساركوزي الذي لم يسبق أن دخل قصر الإليزيه رجل بمثل انحيازه للهواجس الإسرائيلية.
والحق أن فرنسا لم تكن في يوم من الأيام متسامحة مع الإعلام الإسلامي بسائر تجلياته ، وأتذكر أننا حاولنا توزيع مجلة "فلسطين المسلمة" التي كانت تصدر من لندن في فرنسا نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات فلم نفلح ، فيما وقعت مساءلة الشاب الذي تعاون معنا لهذا الغرض في باريس.
الآن ، وفي ظل ساركوزي يبدو المشهد أكثر سوءًا ، ونرى أن فرنسا قد دخلت في منافسة مع الولايات المتحدة في إثبات الولاء للدولة العبرية ، وها هو القرار الذي اتخذ في الكونغرس بخصوص مطاردة "الفضائيات التي تحرض على الإرهاب" ولم يتحول إلى قانون بعد يطبق من قبل الفرنسيين ، أولا بحق فضائية المنار (على القمر الأوروبي) ، وثانيا بحق فضائية الرحمة ، وثالثا بحق فضائية الأقصى ، ولا نعرف من هو الهدف التالي؟.
عن أية كراهية يتحدث الفرنسيون ، وهل ثمة من يبث الكراهية في هذا الكون أكثر من دولة الاحتلال وحاخاماتها الذين يتسابقون فيما بينهم على إهدار دماء الشعب الفلسطيني ، بمن في ذلك الأطفال أنفسهم؟، الأكيد أن استهداف الأقصى ومن قبلها المنار والرحمة إنما هو استهداف لبرنامج المقاومة ، بخاصة الذي يتبنى الخط الإسلامي ، لا سيما أن دور المحطة في بث روح المقاومة في الشعب الفلسطيني هو دور مهم ولافت ، الأمر الذي ينطبق على المنار ، فيما كان استهداف الرحمة مفاجئا لأن اهتمامها بالسياسة جد محدود ، وقد تبين أن لذلك صلة بالحديث عن اليهود.
هو إذن استهداف لإعلام المقاومة الذي يؤثر تأثيرا بالغا في الوعي الفلسطيني والعربي والإسلامي ، ولو كان بوسعهم شطب الجزيرة ذاتها ، لما توانوا عن ذلك ، الأمر الذي قد ينطبق على محطات عديدة تنطق بلغة الأمة وإن بدت سياستها متفاوتة بهذا القدر أو ذاك.
والحق أنه من العبث لوم الفرنسيين أكثر من العرب ، فمن أوقف الأقصى قبلهم كان قمر "نايل سات" ، ومعها فضائية الحوار والعالم ، لكنها تجاوزت ذلك من خلال قمر "نور سات" الذي يأخذ خدماته من "يوتيل سات" ويلتقط على نفس ترددات "نايل سات" ، ويبدو أن ثمة تحريضا فلسطينيا وعربيا على هذه المحطات ، أعني من تلك الدول التي تشعر بعبء الخطاب الذي تتبناه.
حتى الآن تبث الأقصى على قمر "عرب سات" ، لكن ذلك لا يبدو كافيا ، إذ أن أغلب الناس قد ثبتوا لواقطهم على قمر "نايل سات" ، لكن كثيرين سيضيفون قمر "عرب سات" إذا اضطروا لذلك ، ولا نعرف إن كان القمر الجديد الذي ستطلقه قطر (اسهيل) سيستوعب هذه القنوات ، ويكون خارج سياق الضغط الفرنسي والأوروبي ، أم ستنطبق عليه ذات السياسة؟. (الدستور )