حقيقة الأزمة الحزبية

تم نشره الجمعة 25 حزيران / يونيو 2010 02:19 صباحاً
حقيقة الأزمة الحزبية
د. رحيل غرايبة

تتعرض الأحزاب في الأردن إلى وابل شديد من الانتقادات الصادرة من الكبير والصغير، والقريب والبعيد، والسياسي وغير السياسي، وتساؤلات كبيرة مطروحة أين دور الأحزاب، وأين مشاركتها، وأين برامجها وطروحاتها، وأين أثرها في الحياة السياسية والبرلمانية والوطنية بوجهٍ عام!

تفيد بعض الدراسات الصادرة من مركز دراسات معروف أنّ عدد الذين ينخرطون في الأحزاب لا يتجاوز «ثمانية آلالف» شخص، وسواء كان هذا العدد دقيقاً أو غير دقيق، فينبغي الاتفاق على أن عدد الحزبيين قليل جداً؛ لأنّ العدد الكلي للأحزاب لا يتجاوز «الخمسة عشر» وبصعوبة بالغة استطاعت الأحزاب تحصيل (500) عضو مؤسس، ولذلك في أحسن الأحوال لن يصل عدد المسجلين في وزارة الداخلية إلى (عشرة آلاف).

أزمة الأحزاب في الأردن أزمة موجودة وحقيقية لا يستطيع أحد إنكارها، وهي بالمناسبة أزمة العالم العربي كله بلا استثناء، وهذه الأزمة تعبر عن أزمة الديمقراطية في وطننا العربي الكبير بكل وضوح وبكل بساطة؛ لأنّه لا سبيل إلى ديمقراطية حقيقية بغير أحزاب تعبر عن آمال المواطنين وطموحاتهم، وتمثل اتجاهاتهم وقيمهم، وتحل مشاكلهم وتعالج همومهم بواقعية، وتحصل على تفويض منهم بإدارة شؤونهم ومن ثمّ الوصول إلى تداول السلطة السلمي عبر صناديق الاقتراع.

ومن هنا أطلب الترفق من النخب ومن السياسيين ومن الرسميين ومن الكتاب والصحفيين، خاصة أولئك المتقاعدين من أحزابهم، الذين يسلقون الأحزاب بألسنةٍ حداد، ويدمنون على جلد الأحزاب في كل مناسبة، أطلب منهم الترفق والهوينى؛ لأن جلد الأحزاب هو جلد للمجتمع وجلد للوطن، وجلد للشعب الذي لم يستطع حتى هذه اللحظة أن ينخرط في أطر سياسية وفكرية فاعلة قادرة على السير بنا جميعاً نحو التقدم خطوة حقيقية نحو ديمقراطية حقيقية مثل بقية شعوب العالم.

وإذا اتفقنا على أنّ مشكلة الأحزاب هي مشكلة المجتمع كله، ومشكلة الشعب ومشكلة الشباب، فلماذا لا نخوض غمار حوارٍ مجتمعي مفتوح حول هذه القضية، ويمكن الولوج إلى جوهر المشكلة من خلال ثلاثة محاور.

المحور الأول المتعلق بأصحاب القرار والحكومات وأهل السياسات، هل هناك رغبة وقرار وإرادة بايجاد أحزاب قوية وفاعلة، لأن هذا يقتضي ايجاد التشريعات والقوانين والأنظمة والتعليمات التي تسمح بنموّ الأحزاب نمواً طبيعياً عادياً، فأحياناً تسمع الإجابة بنعم ولكن الأفعال والواقع يقول لا.

بالإضافة إلى ايجاد قانون الانتخابات الذي يعمد إلى إذكاء المنافسة بين البرامج، ليس بين القرى والتجمعات السكانية والاجتماعية. والأصل أن لا يصل إلى البرلمان إلاّ من يملك برنامجاً سياسياً، وكفاءةً تؤهله للقيام بالدور التشريعي والرقابي.

المحور الثاني المتعلق بالشعب ومكوناته، فما الذي يدفع الشباب إلى الانخراط في الأحزاب، وما الذي يدفع جموع المواطنين إلى تأييد الأحزاب كما يحدث في الدول الديمقراطية، فبلا شك هو امتلاك الأحزاب القدرة على تحويل برامجها وأفكارها إلى واقع عملي ملموس، وأن تكون أحزاباً حقيقية قادرة على الحوار والمشاركة والفعل الملموس بلا عوائق ولا شبهات.

المحور الثالث المتعلق بالأحزاب نفسها من حيث فاعليتها وبرامجها وطروحاتها وقدرتها على التطور والتكيف. لا أشك بأنّ طرفاً كبيراً من الأزمة يأتي من هذا الجانب، فهناك أحزاب تتعلق بأفكار بائدة، وأحزاب فقدت مصداقيتها من خلال التجربة، وأنّ هناك أحزاباً تعاني الاغتراب بكل معانيه، وما هي إلاّ امتدادات لوضع سياسي قائم وانتهى ولا علاقة له بالوطن أو الشعب، هذا كله صحيح، لكن لا مجال لتصفية هذه الأفكار والتجمعات إلاّ من خلال فحص قدرتها في الميدان والواقع من خلال حكم الشعب عليها عبر انتخابات قوائم وبرامج متكررة؛ حتى نصل جميعاً إلى النضج المطلوب
. (الراي )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات