اسرائيل تبتلع البحر

المعركة على »المتوسط« بدأت بمجزرة قوافل الحرية وتتواصل بالاستيلاء على ثرواته
البحر لم يبتلع اسرائيل كما كانت تهدر الجماهير العربية في الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم, اسرائيل هي التي ابتلعت البحر الأبيض المتوسط وثرواته ايضا.
فبعد ان تمكنت من حسم المعركة والاستيلاء على الأرض تتجه اسرائيل اليوم لخوض معركة السيطرة على مياه »المتوسط« حتى لو استدعى الأمر استخدام القوة على حد قول وزير البنى التحتية عوزي لانداو.
ما اشعل المعركة على »البحر« هو اكتشاف شركة نوبل للطاقة حقلا ضخما للغاز يزيد مخزونه على 122 ترليون قدم مكعب يمتد على طول السواحل اللبنانية والفلسطينية وصولا الى بحر غزة وتقدر شركة بي. جي البريطانية احتياط حقل غزة بنحو 1.4 ترليون قدم مكعب. وسارعت السلطة الفلسطينية قبل عامين الى اجراء مفاوضات مع اسرائيل لبيعها الغاز بقيمة 4 مليارات دولار قبل ان تخطف حركة حماس الصفقة منها كما »خطفت« من قبل قطاع غزة. لكن فشل المفاوضات بين اسرائيل والشركة البريطانية خيب آمال رجال البزنس في رام الله المتعطشين للثروة.
لبنان هي البلد العربي الوحيد الذي رفع صوته متحديا اسرائيل واعلن اكثر من مسؤول لبناني ان الثروة الكامنة في عمق »المتوسط« ليس حقا خالصا لاسرائيل لان جزاء من الحقول يقع في المياه اللبنانية. وقد اثبتت الخرائط ذلك بشكل قطعي مثلما اثبتت ايضا حق الفلسطينيين في حقول الغاز قبالة غزة.
الموقف اللبناني الصلب في مواجهة اسرائيل يؤشر على مواجهة مقبلة بين المقاومة الوطنية اللبنانية بقيادة حزب الله واسرائيل سيكون البحر ميدانها الرئيسي. وكما كانت قضايا مثل الأسرى ومزارع شبعا والخروقات الاسرائيلية المستمرة مبررات مشروعة لتمسك حزب الله بسلاحه, فان الدفاع عن حق لبنان في مياه البحر سيكون سببا وجيها للابقاء على السلاح, لا بل التفاف اللبنانيين جميعا حول العنوان الجديد للمقاومة.
حجم الاحتياط في »المتوسط« وحسب خبراء عالميين سيجعل من اسرائيل مصدراً رئيسياً للغاز وسيحقق مردوداً عظيماً لاقتصادها. ولبنان الذي يعاني من عبء فاتورة الطاقة سيدافع عن حصته باستماة للتخلص من كابوس الفاتورة النفطية.
يستحق لبنان دعما عربيا في معركته المقبلة كما يستحق الفلسطينيون دعما مماثلا. اسرائيل ومنذ اللحظة التي ارتكبت فيها المجزرة بحق ابطال اسطول الحرية قررت ان تجعل من البحر الأبيض المتوسط »بركة« خاصة لها هكذا فهمت مشروع الشراكة من أجل المتوسط, او هكذا كان في ذهن ساركوزي عندما اطلقه وحشد من حوله العرب والاوروبيين.
يمكن للعرب فعل الكثير للحؤول دون ابتلاع اسرائيل للبحر وخيراته, عليهم اولا التحرك على كل المستويات الدولية لكشف مخاطر القرصنة الاسرائيلية بحق ثروات »المتوسط«, وانتزاع قرار اممي يمنع اسرائيل من التنقيب قبل الاقرار بالحقوق الفلسطينية واللبنانية, والى ان يتحقق ذلك ينبغي على الدول العربية وخاصة الخليجية مقاطعة الشركات الأجنبية التي توقع اتفاقيات تنقيب مع اسرائيل والانسحاب من مشروع الاتحاد من أجل المتوسط اذا ما استمرت اوروبا في موقفها المنافق تجاه اسرائيل.
لقد خسرنا معركة الأرض مع اسرائيل فلا تجبروننا على خسارة معركة البحر.0
العرب اليوم