جورج حداد «على الدرب» غدا «يهز الغربال»

رغم ان لم يكتب لي أن ألقى حروفك إلا على الورق ، ولم يقدر لي بان أتشرف بلقياك هنا في أروقة الدستور ، أو حتى في مكتب رئيس التحرير "التل" ، وأدري أنك قريب من ذاك الحنين الذي يربطك بخليل فكرك "وصفي التل" ، حين تراه يتقد في عيني أبنائه وأحفاده..
ولم أحظ حتى بان ابدأ الكتابة ضمن قافلة يكون حادي ركبها الدستوري العائد مع كل طبعة جريدة :"جورج حداد" لكنك غادرت نحو السماء التي يسكنها دوما شهداء القلم النظيف والذين سقطوا من مرض أو ألم.
أستذكر وجهك المعفر ببياض السنين وتجاعيد دقيقة تكاد تومئ بابتسامة في صورتك قرب المقالات المتجهه دوما نحو سماء القومية العربية..وهمك العربي الفلسطيني الذي لم تتخفف منه يوما ولم تستبدله بثمن قليل..
رجل أتخذ فكر الشهيد "وصفي التل" بوصلة وأتجاه ، و نزف من مداد قلمه حروف في الدفاع عن القضية ، بدأ معلما شابا حيث فرقته يوما وابعدته مسيرة درب المعلمين الشاقة حينها ، فتم نقله الى مدارس بعيدة ، مرتحلا بين القرى ، معلما حقيقيا يعلم أن الحروف هي هدب العين الذي يحميها من العمى او التعمي ..
أيها المعلم الكبير ..ها انت اليوم في سماوات الرب ، هناك حيث صديق فكرك الشهيد وصفي التل ، والتحق بكم قبل أسابيع قليلة "محمود الكايد" فارسا لم يترجل عن صهوة الحروف لحظة ليحلق بعيدا نحو السماء ، في زمنْ صار فيه الهبوط "إجباري" في كل شيء..
غدا ستزور بيت حروفك هنا في الدستور ، ستكون قادما من السلط حيث الطفولة ..والأصدقاء الكثر ، وستعرج أولاً على مكتب صديقك "التل" الآخر ، وستلتقي بالممر الطويل بأصدقائك وستشاكسهم بكلمات مضحكة ، و ستزفك الأشواق من جديد نحو منتدى الدستور ... حيث يكون بأستقبالك "السيف الشريف" ، و ستطرب أذنيك لكلمات فاصلة عن كتابك الأثمن من صديقك الطاهر المصري ..
ستطالعنا جميعا وتدقق في وجوه أعياها فعل السنين ..أنه عام كامل يا رجل،، العام العربي ألف سنة ربما مما يعده الغرب من أحداث وأهوال..
يا رفيقنا الأول .. بارك صفحات كتابك كي نعود ببركة توقيعك الأثيري ، ونعد من سطورك ما أستطعنا من قوة ورباط مبدأ نرهب به الخوف الساكن قلوبنا..
يا موت لم نعد نخافك ..هاهي الحروف من يعيد الغائب ..ذات السطور هي حصننا من الزوال والتلاشي..الى الخلود يا جورج حداد ..الى الخلود
الدستور