هل نشهد لأول مرّة ظهور القوائم؟

تحدثنا عن الأمل بانتخابات بسويّة أفضل لإنتاج برلمان بسويّة أفضل. ومن بين ظواهر التغيير المأمولة نزول المرشحين في قوائم وطنية ذات برامج تخرج المرشحين من الشخصنة والمحليّة وضيق الأفق في الطرح وفي الرؤية. ولا يجب ان نستهين بأثر ذلك على المناخ الانتخابي الحالي بل والمناخ النيابي لاحقا. صحيح أن المرشح لا يستفيد مباشرة من المشاركة في قائمة، لكن يمكن ان يصبح الامتناع عن المشاركة في قائمة ضارا بالمرشح اذ يدلّ على فقره السياسي وافتقاره الى الامتدادات والعلاقات وعزلته عن القضايا العامّة.
يقال دائما إنه لا توجد أحزاب لتشكيل قوائم، لكن القوائم غالبا هي ذات طابع ائتلافي قوامها الأكبر من المستقلّين بفعل أن الأغلبية الساحقة من المرشحين هم من المستقلّين، ويمكن أن تتبلور قوائم وطنية قويّة بمشاركة شخصيات سياسية، بل إن نزول شخصية عامّة وازنة كمجرد مرشح في دائرة فردية إلى جانب مئات آخرين ليس جيدا بحقه، والصحيح أن يظهر كمرشح وطني من خلال قيادة أو المشاركة في قيادة قائمة وطنية ذات وزن.
النظام الانتخابي الحالي لا يعطي أي حوافز لتشكيل قوائم، وعلينا الآن أن نفعل ذلك وحدنا بتحرك الفاعليات الوطنية والأحزاب لتكوين ودعم قوائم وطنية تقدم رؤية وبرنامجا، وسنحصل على الميزات الآتية:
1 - المصداقية: ثمّة فارق بين أن يكون الترشيح مجرد مشروع شخصي، أو أن يكون جزءا من مشروع عام، وكيف يمكن لمرشح فرد أن يقنع الجمهور ببرنامجه وطرحه، وهو لا يستطيع مشاركة بضعة آخرين في هذا الطرح، وغالبا ما يقال للمرشحين الذين يقومون باسم الجمهور بتبني مطالب أو برامج: وهل تستطيع تطبيق هذا وأنت فرد من مائة وعشرين؟
2 - رفع السويّة: قد يقال إن الجمهور نفسه ليس معنيا بالطرح البرامجي، بل بالخدمات وهذا صحيح الآن، لكن كل المرشحين والنواب المحتملين يستطيعون، وهم بالضرورة سيكونون، نواب خدمات وتوسط لمصالح الناس، إلى أن يتقدم المجتمع أكثر وتطبق اللامركزية وتنقل الصلاحيات إلى الإدارات المحلية؛ لكن ما هو الشيء الإضافي الذي يمكن أن يميّز مرشحا عن آخر؟ هناك عملية تواطؤ شاركت بها كل الأطراف لخفض نوعية النيابة حتى قاربت الدرك الأسفل. ويجب القيام بحركة معينة لرفعها، ومشاركة المرشحين في قوائم لن تلغي "الخدماتية" لكنها سترفع سوية الطرح وتحسن المناخ العام للحملات الانتخابية.
3 - الارتقاء بالحملة الانتخابية: مشهد الحملة الإعلامية للمرشحين بات كاريكاتيريا بالفعل، إذ تتزاحم ألوف اليافطات والملصقات للمرشحين الفرديين بشعارات ركيكة ومكرورة بلا وزن ولا مصداقية. وثمّة فرق بين هذا، وبين أن يكون هناك بضع قوائم ذات اسم ولون وبصمة ويظهر المرشح عن الدائرة داخلها. والتشارك في قائمة سيقود إلى حراك وطني لبلورة رؤية وبرنامج ومواقف، وستحدث حوارات وانحيازات. وسوف نسهّل مهمّة الإعلام في استضافة ممثلين عن هذه التيارات للحوار باسمها، وهو الشيء المستحيل مع أكثر من ألف مرشح فردي. وكل هذا يضيف ولا يؤثر على جهود المرشح المباشرة مع الناخبين. ( الغد )