خطة إصلاح مالي

الجدول الذي تصدّر برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي ولخص أهدافه ونتائجه يقترح أننا لسنا إزاء برنامج عمل لهذه السنة فقط ، بل خطة إصلاح متوسطة المدى ، تتعلق بعدة سنوات قادمة ، مما يذكرنا بأسلوب صندوق النقد الدولي الذي كان ُيعد جدولاً بالأهداف والتوقعات ، ويعيد تحديثه كل ستة أشهر على ضوء التطورات.
بهذا المعنى فإن الأرقام والنسب المئوية التي جاء بها هذا البرنامج الوطني ليست نهائية ، بل قابلة للتعديل والتطوير على فترات متقاربة ، ويمكن اعتبارها توقعات مبدئية أكثر مما هي أهداف نهائية.
معظم الإجراءات التي جاء بها البرنامج ذات طابع مالي. وهذا صحيح لأن المشكلة الأساسية المطلوب إيجاد الحلول لها هي مشكلة مالية في الأساس ، وعنوانها عجز الموازنة وبالتالي ارتفاع المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
الهدف المباشـر للإجراءات المتخذة هو زيادة إيرادات الخزينة من ناحية ، وتمكينها من تقديم دعم جديد وإعفاءات جديدة ذات مبررات اجتماعية بالدرجة الأولى من ناحية أخرى ، وذلك تطبيقاً لشعار حماية الطبقة الدنيا ودعم الطبقة الوسطى ، الذي رفعته الحكومة.
هذا الفهم يضع الاعتبارات الاجتماعية في موقع مضاد للاعتبارات والأولويات المالية ، ولكن نظرة أعمق قد تدل على أن بعض الإصلاحات الاجتماعية وتحسين أوضاع الفئات الأقل حظاً ، لها انعكاسات إيجابية في الجانب الاقتصادي والمالي على المدى الأبعد.
في البرنامج قدر من التحفظ والبعد عن المبالغة في التوقعات ، فالمديونية سوف ترافقنا لمدة طويلـة ، وبالرغم من النمو الاقتصادي بالأسعار الجارية ، فإن نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي لن تبدأ بالانخفاض إلا في السنة الثالثة من العمل الدؤوب.
إجمالاً فإن الأرقام المستهدفة للنمو الاقتصادي الحقيقي معتدلة وقابلة للتنفيذ ، أما افتراض أن ينخفض معدل التضخم سنوياً فليس هناك ما يسنده ، خاصة وان معدل التضخم يتأثر بعوامل كثيرة ومتغيرات ليست كلها تحت السيطرة.
لم تذكر الخطة ما هي الافتراضات العامة التي تنطلق منها ، وخاصة فيما يتعلق بالسعر العالمي للبترول والمنح والمساعدات العربية والأجنبية ذلك أن غياب الافتراضات المحددة يعني افتراض استمرارية الأحوال العادية وعدم أخذ المفاجآت بالحسبان فلكل حادث حديث. (الرأي)