تطورات الدين العام

استمرار الدين العام في الارتفاع أصبح بمثابة َقدَر لا يرد طالما ظل هناك عجـز في الموازنة العامة، فالخزينة لا تولد المال، وكل عجز يجب أن يغطى بشكل من أشكال الدين، ولكن المأمول هو اللطف في هذا القدر، أي أن يكون الارتفاع محدوداً، ولا تزيد نسبة زيادته السنوية عن معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية. أي أن يرتفع الدين العام بالأرقام المطلقة وينخفض كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
يبدو أن هذا ما حصل خلال الثلث الأول من هذه السنة، فقد ارتفع الدين العام المحلي بمقدار 112 مليون دينار أو أقل من 2%، وانخفض الدين العام الخارجي بمقدار 47 مليون دينار (ربما بسبب انخفاض سعر صرف اليورو) أي بنسبة 2ر1%، وبذلك تكون الزيادة الصافية في الدين العام الكلي خلال الشهور الأربعة الأولى من هذه السنة 65 مليون دينار فقط، أو ما يعادل 67ر.%.
إذا استمر الحال على هذا المنوال، فإن الدين العام الكلي خلال سنة 2010 بأكملها سيرتفع بنسبة 2% تقريباً، معظمها من المديونية المحلية، وبذلك يبقى الدين العام في نهاية السنة دون مستوى 10 مليارات من الدنانير، ونسـبته إلى الناتج المحلي الإجمالي في حـدود 56% مقابل 4ر59% في نهاية السنة الماضية.
هـذه التقديرات مغرقـة في التفاؤل، ذلك أن الموازنة العامـة وملحقـها الأول تفترض عجـزاً في حدود 845 مليون دينار، تضاف إلى الدين العام، مما يرفع مجموعه إلى 5ر10 مليار دينـار تعادل 2ر59% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع، أي أن رصيد المديونية سيظل قريباً من السـقف القانوني المقرر وهو 60%.
لا تأخذ هذه التقـديرات بالحسبان بند المفاجآت، فهناك مبالغ كبيرة مطلوبة، بعضها عاجل وبعضها الآخر آجل، لعدد من المشاريع الكبرى الموضوعة على طاولة البحث: جر مياه الديسي، شبكة السكك الحديدية، المفاعلات النووية، القـطار الخفيف، ناقل البحرين، مشاريع الطاقة البديلـة، المناطق التنموية، إلى آخره.
هـذه المشاريع حيوية، وقد يكون بعضها مولداُ للدخل في المدى الطويل، ولكنها قبل ذلك تحتاج لمليارات الدنانير من المدفوعات الآنية أو الالتزامات المستقبلية قد لا تستطيع الخزينة أن تلبيها، لأننا لا نريد أن نكسب مشروعاً على حساب المخاطرة بالأمن الاقتصادي للبلد. (الراي )