فوبيا الثانوية السامة

تم نشره الثلاثاء 29 حزيران / يونيو 2010 06:43 صباحاً
فوبيا الثانوية السامة
خيري منصور

قبل عدة سنوات كتبت في هذه الزاوية وفي مثل هذا الموسم عن الثانوية السامة ، فهي لم تعد اختبارا لتأهيل الطلبة اكاديميا بقدر ما اصبحت فوبيا لعينة ، ما ان تدخل بيتا حتى تصيب كل ما فيه ومن فيه حتى الجدران والاثاث بالتوتر ، وكأن من يحصل على مجموع يؤهله للقبول في جامعة حكومية او خاصة سيجد الوظائف بانتظاره كي يختار منها ما يناسبه.

احد الاباء ممن لامست كلمة الثانوية السامة قلبه اتصل بي ليسأل عما اذا كان هناك لقاح ضد هذا السم كي يقدمه لابنائه الصغار الذين يقفون في طابور طويل بانتظار الثانوية العامة ، ولم اتردد يومئذ في القول بان اللقاح يجب ان يكون من الداء ذاته شأن كل الاوصال ، لهذا يجب ان تكون الابتدائية ومن بعدها الاعدادية او المتوسطة لقاحات اولية ضد هذه الحصبة الاقسى من الحصبات كلها سواء كانت حوض البحر المتوسط او المانية.

لكن بعض الامور تفرض نفسها على حياتنا كالطقوس والشعائر ، واحيانا تتحول الى اعراف اشد سطوة ونفوذا من القوانين ، ومنها طقوس الزواج والعزاء واخيرا الثانوية السامة ، وقد عرض في مصر مسلسل تلفزيوني يحمل عنوانا يزاوج بين المأساة والملهاة هو في بيتنا ثانوية عامة ، وهو تحوير لعنوان رواية تحولت الى فيلم سينمائي بعنوان في بيتنا رجل ، الجميع يصابون بالتوتر وفقدان التوازن وتعلن الطوارئ في البيت وعند الجيران والاقارب ايضا ويستوطن الهلع قلوب التلاميذ لانهم لو رسبوا لخيبوا ظن الامة كلها ، لهذا ثمة تلاميذ ينتحرون واخرون يصابون بالاحباط المزمن والكآبة المدمرة.

ويبدو ان اللقاح وتقديم الاوصال من مراحل الدراسة ما قبل الثانوية لم يفلح ايضا ، وما حدث هو العكس فقد تراجعت المناعة وتوطدت الفوبيا وصار هذا الموسم فزاعة للطيور والتلاميذ وليس للثعالب واذا استمرت هذه الحالة المشبعة بالحمى فان الحذر سوف يؤدي الى المزيد من التعثر وليس العكس ، ولا اظن ان الناس يعشقون العلم الى هذا الحد الذي يعلنون معه الحداد اذا رسب تلميذ في اختبار قابل للتكرار ، فالمسألة أبعد ما تكون عن العلم وهواجسه ، شأن كثير من الظواهر التي انفصلت عن مقدماتها ومناسباتها واصبحت مكتفية بذاتها كطقوس اجتماعية لا تقبل المناقشة،.

ولو كان هاجس الناس هو العلم لتبدل الحال ، واهتموا بمستقبل ابنائهم بعد اجتياز هذه الثانوية السامة.

لكن العلم تحول بفضل الحاجة والامية الى نمط انتاج ، وطريق قصير معبد الى الوظيفة ، لهذا لا يطمح كثير من الآباء الى ان يدخل ابناؤهم كليات انسانية ويقولون ان مستقبل من يدرس الآداب وحتى العلوم هو ان يكون مدرسا فقط ، ناسين ان الفيزياء والكيمياء والآداب مجالات حيوية ورحبة للتفوق والابداع ونيل اعلى الجوائز وفي مقدمتها نوبل.

نحتاج على ما يبدو الى لقاحات تربوية وأمصال ثقافية اخرى للوقاية من فوبيا الثانوية السامة،،
. (الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات