الجوع حقّا كافر

تم نشره الأربعاء 30 حزيران / يونيو 2010 05:49 صباحاً
الجوع حقّا كافر
بسمه النسور

رغم الإجراءات القانونية والأمنية المشددة، التي تتخذها الدولة، ردعا لسماسرة الألم وتجار الدم والمقتاتين على جراح وعذابات الآخرين، ورغم الحملات التوعوية المستمرة، التي تهدف إلى تشجيع التبرع بالأعضاء، سيّما من قبل ذوي ضحايا الحوادث المرورية، إضافة إلى الفتاوى الشرعية التي تحض على فعل التبرع بالأعضاء البشرية، وتجمع على اعتبار فعل كهذا، من باب الصدقة الجارية التي تستحق الثواب.

غير أن عمليات التبرع من ذوي الضحايا، ماتزال في حدها الأدنى، وفق جهات مختصة، وما تزال مقتصرة على الأقارب من الدرجة الأولى في معظم الأحيان، ما يؤكد أن صورة التكافل والتضامن الاجتماعي، التي نحب أن نعتقد بوجودها في زماننا غير البهيّ هذا، ليست أكثر من صورة وهمية، نتواطأ ضد أنفسنا، ونصدقها من باب خديعة الذات، وتسكين الضمير الجمعي المعذب بعبء التقصير.

كما أن الأنباء، ما تزال تورد بين الحين والآخر أخبارا مؤلمة، تدعو إلى الخجل، عن عمليات اتجار بالأعضاء البشرية، تقوم بها عصابات، تعمل على استغلال الواقع المعيشي المأساوي للشباب، وتوقعهم في براثنها بوسائل الاحتيال والتضليل والترغيب، والعزف على وتر الكسب السريع، كان آخرها حكاية شاب أردني في مقتبل العمر، غير أنه طاعن في الفقر والحاجة، غارق حتى أذنيه في ديون، لم يجد سبيلا للتحرر من وطأتها، إلا أن "يقطع من لحمه"، وقد تم إلقاء القبض عليه مؤخرا، بعد عودته من مصر بكلية واحدة، بعد أن قبض ثمن كليته الثانية 5 آلاف دولار لا غير! يا بلاش !!

لم يكن هذا الشاب مدمنا على الصنف، باع كل ما لديه ثمنا لشمة أو حقنة، ولم يكن مقامرا خسر على الطاولة الخضراء، ولم يكن بلطجيا تورط في مآزق تطلب حلها توفر العملة، حتى إنه ليس حالما يطمح في تأسيس مشروع صغير، يدر عليه دخلا يقيه شر السؤال، ببساطة كان هذا الفتى، ورغم جسامة ما أقدم على فعله بحق نفسه، مقابل ثمن بخس، مجرد ضحية، غلبه الزمان على أمره، وقد ترسخ لديه يقين قرص معدته، بأن الجوع حقا كافر، وإلا ما الذي يدفعه وهو في عز الصبا إلى عطب جسده مختارا، من أجل حفنة قليلة من الدولارات المغمسة بالذل، في امتهان سافر لقيمة الحياة؟!

السؤال الملح هنا، الذي يطرح نفسه بالضرورة، هو كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات. أننظر إليه بتجرد القانون وحياديته كمجرم يستحق العقاب؟

أم كضحية تماثل ضحايا حالات انتهاك حرمة الجسد على تعددها؟

بظني، أن ما أقدم عليه الشاب، يمثل جريمة حقيقية بحق نفسه، غير أن للأمر بعداً إنسانياً، لا يمكن غض النظر عنه: فكيف لنا أن نتعاطى مع حالته هذه، في ظل واقع معيشي غير رحيم؟!.

الغد


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات