شاليط والربع مليار أسير

كم شاليط من عرب هذه الالفية يعدون الليالي في زنازين اسرائيل وغيرها؟ لكن التاريخ الذي قلب على قفاه واصبح يسعى على رأسه بحيث علت عيناه على الحاجبين الاشيبين جعل من قيمة العربي ما لا يتجاوز قيمة العملات المحلية المتدنية في بلاده ، فلكل دم تسعيرة ولكل اسير ثمن ، وثمن العربي نحن في غنى عن التذكير به ، انه ارخص من الحطب واحيانا من نشارة الخشب ، ربما لان العرب يتكاثرون بالقرب من مقابرهم ، لهذا لا بأس ان يموتوا او يهاجروا او يقبروا احياء بالالاف ، والمظاهرات التي سارت في اسرائيل مطالبة حكومة نتنياهو بالاسراع في اعادة شاليط الى غرفة نومه ، يجب ان يكون الاف اضعافها في شوارع العرب وازقتهم ، لكن الكرم الحاتمي تجاوز ذبح الخيول للضيوف الى ذبح الاطفال عشاء للغزاة والعربي الذي يخوض حربا بسوسية قد تدوم الف عام لان عربيا اخر داس على قدمه او اخذ منه شبر رمل يتسامح مع اعدائه بحيث تصبح الاف الدونمات مجرد خطأ مطبعي او زله بمقياس رسم الخرائط.
ان الاعلام الصهيوني والبغال التي تجر عرباته في هذا العالم انسى العالم ان هناك اكثر من عشرة الاف اسير فلسطيني واكثر من مليون ونصف المليون محاصر. كما انساه من قبل تلك الملايين من اللاجئين والنازحين الذي انتشروا في القارات الخمس ، هذه التسعيرة السياسية للدم والحرية آن لها ان تتغير ، وتعاد الى حقيقتها وفق معيار الدم لا البورصة والسوق الحمراء.
لقد افرط الاعلام الاسرائيلي في تصوير شاليط كما لو انه الرهينة الوحيدة في عصر الرهائن وكأنه درايفوس اخر يجب ان تسقط من اجله عدة جمهوريات وليس جمهورية فرنسية واحدة.
يُقتل جندي اسرائيلي واحد فتقوم الدنيا ولا تقعد ، ويتحول ربع مليار عربي الى ارهابيين مطلوبين في مطارات العالم وموانئه ، وتلقى جثث المئات من الفلسطينيين او اللبنانيين او العراقيين في قبر جماعي وينتهي الامر عند نبأ في وكالة اعلام او على اسفل الشاشة،. لا ندري من الذي ابتكر هذه الحواسيب وهذه اللوغريتمات بحيث يصبح العربي الادنى سعرا وفقا لقائمة اسعار الدم ، ولماذا رضخنا لهذه التسعيرة بمرور الوقت وتأقلمنا معها؟. ان كانت الكثرة هي السبب ، فانها معرضة للانقراض اذا استمرت متوالية ابادتها المزدوجة عضويا وثقافيا ومعنويا.
ان السرعة القياسية التي ننسى بها اسرانا وشهداءنا ومفقودينا وخير ما انجبت بلادنا من الماء الى الماء ، لا يحسدنا عليها الا هؤلاء الذين قرروا ان يتخلصوا من فائضهم الديمغرافي على الطريقة اليوجينية القديمة ، وهي اما افتعال حروب اهلية او تقديم قرابين تحت اقدام الغزاة ، وكم اخطأ من حددوا يوما واحدا في العام للاسير العربي ، لان السنة كلها يجب ان تكرس لهؤلاء الاسرى ، وهم بالمناسبة ليسوا عشرة الاف او عشرين الفا ، انهم ربع مليار اسير في عقر الدار والاوطان،.
الدستور