توقعات أم أهداف؟

البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي 2010-2013 ، الذي خرجت به الحكومة مؤخراً كإطار نظري للإجراءات العملية التي اتخذتها ، هذا البرنامج طرح عدداً من المؤشرات الرقمية تبدأ بسنة 2009 كسنة أساس لأغراض المقارنة ، وتمتد حتى نهاية 2013.
الحكومة قصدت من فترة البرنامج أن بعض المشكلات ليست لها حلول فورية ، بل تحتاج لوقت أطول من العمل وفق خطة معينة.
تشمل هذه المؤشرات: النمو الحقيقي والاسمي ، معدل التضخم ، عجز الموازنة ، المديونية ، نمو الصادرات والمستوردات ، وعجز الحساب الجاري. ويمكن تقسيمها من حيث طبيعتها إلى فئتين: الأولى تمثل (توقعات) مثل معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي ، ونسب نمو التجارة الخارجية ، والثانية تمثل (أهدافاً) تتخذ الحكومة إجراءات معينة لتحقيقها مثل عجز الموازنة وحجم المديونية ، وإلى حد ما معدل التضخم.
في مجال التوقعات كانت تقديرات الحكومة للنمو الاقتصادي واقعية ، وقابلة للتحقيق ، حيث تتراوح بين 4% في هذه السنة لتصل إلى 6% بعد ثلاث سنوات. وكانت توقعات التضخم متفائلة جداً ، فالحكومة تقدّر أن التضخم سوف ينخفض سنوياً ليصل إلى المستوى المثالي 3% بعد ثلاث سنوات ، وهي مهمة ثقيلة ملقاة جزئياً على كاهل البنك المركزي ، الذي ما زال يتبع سياسات توسعية ، علماً بأن بعض العوامل المؤثرة على التضخم خارجية ولا تخضع للسيطرة وخاصة في حالة اقتصاد مفتوح على الخارج كالاقتصاد الأردني.
جوهر البرنامج هو التصدي لمشكلة عجز الموازنة وارتفاع المديونية ، وفي هذا المجال فإن النجاح أو الفشل يعتمد كلياً على الإجراءات المالية التي اتخذتها أو سوف تتخذها الحكومة لتحقيق هذا الهدف.
الحكومة أخذت على عاتقها قرارات صعبة تعرف أنها غير شعبية ، وعلى حد تعبير الرئيس فإنها كانت أمام خيارين أحدهما مر والثاني أشد مرارة. وقد اختارت العلاج المر ، وهو زيادة الأعباء على المكلفين اليوم لتجنب النتائج الأشد مرارة غداً ، وهي الوقوع في أزمات مالية خانقة كالتي وقعت فيها كل الدول التي سمحت بالإنفاق العام اعتماداً على الدين ، على قاعدة اليوم خمر وغداً أمر. ( الراي )