حلب يدمّرها القتلة.. ماذا بعد؟

تم نشره الأحد 01st أيّار / مايو 2016 01:05 صباحاً
حلب يدمّرها القتلة.. ماذا بعد؟
ياسر الزعاترة

لم يعرف التاريخ ثورة بهذا المستوى من اليُتم على الصعيد الدولي، كما هو حال الثورة السورية. ربما ينسحب ذلك على ربيع العرب عموما، وبالطبع لأنه يمثل تحوّلات تاريخية في منطقة حساسة للعالم أجمع. كل القوى الدولية تقف ضد الثورة السورية بهذا القدر أو ذاك، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وإن وقفت ضدها بطريقة مواربة عنوانها كما قال مستشار سابق لأوباما؛ إطالة أمد الحرب، لأن النتيجة هي موت ودمار على حساب الشعب، الأمر الذي لا يعني الطاغية، ولا أسياده في طهران، فضلا عن موسكو. في حلب مذبحة معلنة، بتوقيع بوتين وخامنئي والدمية القابع في جحره بدمشق، وبرعاية رسمية من أوباما، وبصمت من دول العالم خلا انتقادات خجولة عنوانها الحفاظ على الهدنة التي تحوّل المبعوث الدولي المكلف بإنجازها إلى مراقب يخبرنا يوميا بأعداد القتلى، بينما يكتفي آخرون بإبداء «القلق»!! ولا ننسى دور قادة الأكراد الذين يتمرغون في أحلامهم الوهمية أيضا. والمصيبة أن القوى الداعمة للثورة لا تبدو قادرة على الفعل الحقيقي؛ هي الواقعة عمليا بين معضلة العدوان، وبين معضلة تنظيم الدولة الذي أصبح استثمارا للنظام وحلفائه؛ يبررون من خلاله عدوانهم، من دون أن يعني ذلك عمالته لهم، فهو يملك قناعاته الخاصة التي لا تنتمي إلى لغة الواقع بتناقضاته الراهنة، بقدر انتمائها إلى لغة أحلام تتجاهل موازين القوى (ينطبق ذلك على جبهة النصرة أيضا، وإن كان احتمال تفاهمها مع الآخرين واردا في وقت لاحق)، رغم خسائر متوالية تؤكد أن الإيمان بالهدف والرؤية لا يكفي للنصر حين تكون الموازين مختلة بشكل سافر. وفيما كان بوتين قد أعلن انسحابا من سوريا، فقد أثبتت الأحداث أنه لم يكن سوى انسحابا شكليا لا يغير كثيرا في طبيعة الوجود ولا الهدف، ولم يترتب عليه سوى قيام إيران بزيادة عديد قواتها، وإقحام الجيش في المعركة، الأمر الذي زاد من مأزق الثوار الذين لا يحصلون على ما يكفيهم من الدعم كي يواجهوا زخم الهجوم. والمصيبة الأكبر التي يواجهها الثوار، هي ذاتها التي واجهوها طوال الوقت، ممثلة في الطيران. وهنا في حلب لا يقوم النظام وسيده الروسي سوى بالقتل والتدمير الذي يهدف إلى تهجير الناس، وحرمان الثوار من حاضنتهم الشعبية، فيما لا يزال الضغط الأمريكي من أجل حرمانهم من مضادات الطيران قائما، وقدرة الداعمين على التمرد محدودة أيضا. وفيما تبين أن الانسحاب الروسي لم يكن حقيقيا، فقد عادت الأحلام الأمريكية باستنزافهم في سوريا، ومعهم إيران وجميع الفرقاء كما يريد نتنياهو.. عادت إلى الواقع من جديد، ما يعني أن قصة الهدنة لا قيمة لها على أرض الواقع، حتى لو رفضت واشنطن تصنيف «أحرار الشام»، و»جيش الإسلام» كمنظمتين إرهابيتين، لا سيما أن السيطرة في الشمال تترواح في مناطق سيطرة الثوار بين تنظيم الدولة وبين جبهة النصرة، وكلاهما مستهدف من قبل الجميع أيضا. كل ذلك لا يعني أن آمال الحسم التي تراود النظام وسيديه في موسكو وطهران قد باتت قاب قوسين أو أدنى، فالمعركة لا تزال طويلة، والجبهات كثيرة أيضا، وما يجري لا يفعل شيئا غير تعزيز المرارات والثارات التي تجعل الاستقرار وهما حتى لو سيطر النظام وأسياده على كامل التراب السوري. إنه جنون إيران الذي لحقه جنون بوتين وعقده وأحقاده، وهو جنون لا طائل من ورائه، ولن يستقر هذا البلد، بل هذا الإقليم من دون أن تحصل الغالبية على حقها، وسيدرك القتلة ذلك عاجلا أم آجلا.

(الدستور  2016-05-01)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات