فشل أميركي ذريع وسقوط مدوّ في أفغانستان

تم نشره الجمعة 02nd تمّوز / يوليو 2010 05:04 صباحاً
فشل أميركي ذريع وسقوط مدوّ في أفغانستان
د. رحيل غرايبة

قائد القوات الأميركية في أفغانستان الذي تمّت إقالته مؤخراً يشبه الحرب الجارية بين حلف الناتو ورجال طالبان بأنها أشبه ما يجري في حلبة صراع الثيران، وهو يحاول مسرعاً التخلص من عبء الهزيمة وتحمّل مسؤولية الفشل المحتم.

إنّ القائد الأميركي قد أصاب الحقيقة وأجاد الوصف إلى حد الدقة المتناهية، فقوات حلف الناتو أشبه ما تكون بالثور القوي الهائج المليء بالمنشطات الذي يخرج من الزريبة منتفخ الأوداج، مسرعاً بكل قوته يبحث عن هدف يصب فيه كل قوته المختزنة فلا يجد إلاّ خرقة ملونة، فيندفع نحوها بكل عزم، ليفرغ شحنة غضبه في «فاشوش»، ثمّ يحاول أخرى وأخرى، حتى يصبح الثور منهكاً محبطاً، يتلقى ضربة هنا، ورمحاً هناك... في مباراة غير متكافئة بالقوة، ولكنّه يحصد الفشل والعجز والملل والتوتر والغضب والغطرسة والخيبة الممزوجة بالمرارة في كل مرة..

منذ ما يقارب الثماني سنوات، وأكبر حلف قوة في العالم بما يمتلك من خبرات عسكرية، ومعدات قتالية، وتقنيات حديثة، وعقول كبيرة، ورتب وجنرالات وأبحاث وكليات حرب واستراتيجيات مدروسة من أجل متابعة فلول طالبان، في أضعف دولة في العالم، تعيش في مستنقع الحرب منذ ثلاثين عاماً، لم يبق أبيض ولا أحمر إلاّ وجاء ليجرب نفسه على الأرض الأفغانية، ولم يخرج سلاح جديد على مستوى الكرة الأرضية إلاّ وقد تمّ تجريبه في الأفغان.

حق على كل شعوب العالم أن تنحني احتراماً لهذا الشعب الأفغاني الذي ما زال على قيد الحياة، يمارس أسمى مراتب البطولة والتضحية والفداء في قتال قوات الغزو والاحتلال الأجنبي، بكل معاني الشرف والإباء والفخر والاعتزاز بكل قيم الرجولة التي عرفتها البشرية منذ فجر التاريخ في مواجهة أعتى قوة تدميرية في تاريخ الكرة الأرضية، وسوف ينتصر الأفغان ويرحل المحتلون الأميركان كما رحل المحتلون السوفييت من قبل، لعلهم يعتبرون.

وليتكلم المنهزمون، والعجزة المستسلمون عن تخلف الشعب الأفغاني وضحالة ثقافته وقلة تقدمه على المستوى الحضاري المادي، ولكن يجب أن نعترف جميعاً أنّ الشعب الأفغاني مدرسة في قيم الصمود والثبات والتحدي، والتمسك بحق الدفاع عن الأرض والعرض والنفس، في عالم سادت فيه قيم التوحش والتدمير والغطرسة والعدوان والغزو وحرب الإبادة تحت أغطية وهمية كاذبة ولكنّها ضعيفة وممزقة أمام قوة الحق وقيم التمسك بالحق.

يجب أن نعيد التسمية الحقيقية للمعسكرات القائمة على الأرض اليوم:

المعسكر الأول معسكر الغزو والاحتلال والعدوان والاستكبار والقتل والتدمير والحرب يقوم على فلسفة الإخضاع والاستعمار ، واستعباد الشعوب وقهرها وسلبها خيراتها ومواردها، والحيلولة دون تقدمها وتحضرها وامتلاكها أدوات القوة بهدف بقائها مفرقة ضعيفة منهكة تؤول إلى الفناء والموت المحتم.

أمّا المعسكر الثاني فهو معسكر التمسك بقيم الدفاع عن النفس، ومواجهة قوات الاحتلال والغزو والتمسك بحق المقاومة بكل ما تملك من أدوات المواجهة والقوة، ويقوم على فلسفة قوة الحق، وشرف الموت والشهادة في ميدان مقاومة المعتدين واللصوص وقطاع الطرق ومصاصي الدماء الذين لا يقيمون وزناً لتوسلات الضعفاء وآهات المقهورين..

ينبغي على الرئيس الأميركي أن يقرأ ما يجري في أفغانستان والشرق عموماً قراءة صحيحة، وأن يعلن وقف الحرب وبدء الانسحاب الفوري من كل بقاع العالم الإسلامي، وأن يشرع بمعركة الإعمار لما خربته قوات الناتو، وأن يعيد تعويض هذا الشعب المنكوب عما لحق به من ظلم وقتل وتخريب وتدمير، ووأد للطفولة وإعاقة للحياة الكريمة، وأن يعترف على رؤوس الأشهاد بخطأ هذه الحرب المجنونة وظلمها وأن يعتذر للإنسانية عن أبشع المجازر البشرية التي ارتكبتها قواته والقوات الحليفة بحق هذه الشعوب المنكوبة.

أما الشعب الأفغاني فسوف ينتصر ويحصد ثمار ثباته وبطولته طالت الأيام أم قصرت، سواء اعتذر أوباما أم لم يعتذر. ( الراي )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات