«المشاورات» اليمنية.. والدوران في حلقة «الشروط» المُفْرغة !

تم نشره الأربعاء 04 أيّار / مايو 2016 01:18 صباحاً
«المشاورات» اليمنية.. والدوران في حلقة «الشروط» المُفْرغة !
محمد خروب

وصلت سريعاً الى مأزقها, المشاورات او المفاوضات التي تجري بين أطراف الأزمة اليمنية في الكويت، بعد أن لم يعد بمقدور أي منهم التراجع عن السقوف العالية التي جاء بها الى العاصمة الكويتية برعاية أممية، بدت الأخيرة فيها وكأنها تمنح لنفسها وقتاً اضافياً، لأن لا شيء تغيّر منذ ان انطلقت عملية التفاوض التي كانت تجري في شكل غير مباشر يتولاها اسماعيل ولد الشيخ أحمد في سويسرا, ثم عندما تم اقتراح الكويت لاستضافتها, برزت الى المقدمة اقتراحات تدعو الى الانتقال خطوة الى الأمام عبر تفاوض مباشر، فإذا بالقطيعة تحدث مبكراً حتى لو جاءت عبر مصطلح «تعليق» المشاركة, التي بادر اليها وفد حكومة هادي احتجاجاً – كما قيل – على اجتياح انصار الله واتباع صالح, معسكر لواء العمالقة (اللواء 29 ميكا) الذي قيل في وصفه من قِبَلْ وفد هادي انه معسكر «محايد» كان مرشحاً (اللواء العسكري) للقيام بدور ايجابي في مرحلة ما بعد اي اتفاق قد يتبلور بين الاطراف المتحاربة.

وبصرف النظر عما اذا كان الوفد الحكومي (هادي) سيمضي قُدُماً في تعليقه المشاركة في المشاورات واصراره على تنفيذ شروطه من قبل انصار الله وجماعة صالح الذين يصفهم معسكر هادي ومن يساندونه بـ «الانقلابيين» وخصوصاً الانسحاب من معسكر العمالقة، وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها واطلاق سراح المعتقلين (شرط سابق يتجدد) والتزام الهدنة والانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة التي كانوا استولوا عليها عند اندلاع المواجهات المسلحة قبل ثلاثة أعوام تقريبا، فإن ما يبذله امير الكويت شخصياً, والمساعي التي تنهض بها جهات كويتية تحرص على تجسير الهوَات بين الطرفين ولكن بحذر شديد, كونها البلد المُضيف الذي يحرص على عدم تقديم اي اقتراحات حتى لا يُتهم بأنه يميل الى جانب او طرف دون آخر، فإن الأمور تبدو وكأنها سائرة نحو الفشل الذريع، لأن الشكوك تعمّقت بين «المتشاورين» ولم يعد ثمة معنى او قيمة للمطالب او الدعوات التي تُنادي بضرورة القيام باجراءات «بناء ثقة» يتوجب ان يقدمها الطرفان حتى يُمكن لِعجلة المشاورات ان تنطلق وتتجاوز حال المراوحة التي عليها جولة الكويت منذ اسبوعين (انطلقت في 21 نيسان الماضي)..

التصعيد العسكري الذي يتجلى في ما تشهده جبهتا باب المندب ومدينة تعز على وجه الخصوص, والاتهامات التي يوجهها وفد هادي لانصار الله باستقدامهم تعزيزات عسكرية ضخمة الى محيط المدينة وبما يحمل امكانية حدوث اجتياح لها على ما تحاول جهات عدة الاشارة باصبع عدم الجدية لدى انصار الله في جولة الكويت, وانهم يشترون الوقت لفرض امر واقع لصالحهم، يعكس اتساع الهوة بين المتحاورين، وان وصولهم الى الكويت لم يكن سوى نتيجة للضغوط التي مورست عليهم جميعا, سواء وفد هادي او وفد صنعاء المشترك، لان احداً منهم لا يريد (في الوقت الراهن على الاقل) ان يتحمل مسؤولية تعطيل المفاوضات، وان كان في يقين كل منهم انها مفاوضات عبثية وان النيات غير صادقة او لنقل في لغة السياسة ان الظروف المحلية والاقليمية لم تنضج بعد لتسوية يمنية شاملة، في ظل تطلع او تمني احدهما, تحقيق انتصار عسكري حاسم، يفرض استحقاقات على المهزوم، وهو امر متعذر في ضوء يوميات الصراع اليمني، ناهيك عن تواصل «الابتعاد» الدولي المقصود عن المأساة اليمنية، بعد ان لم تتأثر مصالح عواصم القرار الدولي بما يحدث في اليمن ونجاح بعض العواصم الاقليمية في حصر عدد اللاعبين على نحو بدا - في مرحلة ما - وكأنه تفويض مفتوح مقابل تعهد بعدم امتداد الحريق اليمني الى ابعد من حدود اليمن وتخومها القريبة.

اين من هنا؟

من السابق لاوانه نعي جولة الكويت، بعد ان تأكد الجميع انها وصلت الى طريق مسدود, وان امكانية إخراجها من الدوران المتواصل في الحلقة المفرغة, تبدو هي الاخرى مستحيلة لان «رزمة» الشروط التي يريد وفد هادي من «الانقلابيين» تنفيذها, لم تكن متاحة قبل ذلك, ما بالك الآن بعد اربعة عشر شهرا من المواجهات لم ينكسر فيها «الانقلابيون» ولم يتراجعوا، دون اهمال ما حققوه من «انجازات» في الفترة الاخيرة, تجلى ليس فقط في اسقاط رهان قوات هادي على تحرير تعز، وفك الحصار عنها (دع عنك حكاية تحرير العاصمة صنعاء وكيف غابت الان, عن السمع والبصر) وانما ايضا في المخاوف المتصاعدة لدى معسكر هادي من امكانية اقتحام تعز والسيطرة عليها من قبل «الانقلابيين».

ثمة حاجة للقول إن المفاوضات «غير المشروطة» وفي شكل مباشر بين الاطراف اليمنية «وحدها», هي السبيل لوقف الكارثة اليمنية، وبغير ذلك فان وتيرة الخراب والقتل وسفك الدماء تتواصل..

فمن له مصلحة... في ذلك؟

(الرأي  2016-05-04)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات